قال قيس: «ما ولدت لي ابنة إلا وأدتها، سوى بنية ولدتها أمها وأنا في سفر، فلما عدت ذكرت لي أنها ولدت ابنة ميتة، فأودعتها أخوالها حتى كبرت، فأدخلتها منزلي متزينة، فاستحسنتها، فقلت: من هذه؟ فقالت: هذه ابنتك وهي التي أخبرتك أنني ولدتها ميتة، فأخذتها ودفنتها حية، وهي تصيح وتقول: «أتتركني هكذا؟» فلم أعرج عليها، قال
صلى الله عليه وسلم : «من لا يرحم لا يرحم».» •••
جيء إلى زياد والي الكوفة بامرأة من الخوارج تسمى الشيماء؛ فقال لها: ما تقولين في أمير المؤمنين معاوية رضي الله عنه؟ قالت: ماذا أقول في رجل أنت خطيئة من خطاياه؟ فقال بعض جلسائه: احرقها بالنار يا أيها الأمير، وقال البعض الآخر: اقطع يديها ورجليها وقال آخرون: اسمل عينيها، فضحكت ملء شدقيها وقالت: عليكم لعنة الله، فقال لها زياد: ممن تضحكين؟ قالت: كان جلساء فرعون خيرا من هؤلاء، فقال لها: ولم؟ قالت: استشارهم في موسى فقالوا أرجه وأخاه، وهؤلاء يقولون: اقطع يديها، ورجليها، واقتلها. فضحك منها وخلى سبيلها. •••
نظر رجل إلى امرأة بالبصرة وكانت نضرة الوجه، فقال: ما رأيت مثل هذه النضارة، وما ذاك إلا من قلة الحزن، فقالت: يا عبد الله إني لفي حزن ما يشاركني فيه أحد، قال: فكيف؟ قالت: إن زوجي ذبح شاة في يوم عيد الأضحى، وكان لي ولدان مليحان يلعبان، فقال أكبرهما للآخر: أتريد أن أريك كيف ذبح أبي الشاة؟ قال: نعم، فأخذه وذبحه، وما شعرنا به إلا متشحطا في دمه، فلما ارتفع الصراخ هرب الغلام، فلجأ إلى جبل فأدركه ذئب فأكله، وخرج أبوه يبحث عنه فمات عطشا من شدة الحر، قالت: فنكبني الدهر، فصرت كما ترى. •••
نزل عبد الله بن جعفر إلى خيمة أعرابية ولها دجاجة وقد دجنت عندها فذبحتها، وجاءت بها إليه وقالت: «يا أبا جعفر، هذه دجاجة لي كنت أدجنها وأعلفها من قوتي، وألمسها في آناء الليل فكأنني ألمس بنتي، فنذرت لله أن أدفنها في أكرم بقعة، فلم أجد تلك البقعة المباركة إلا بطنك، فأردت أن أدفنها فيه.» فضحك عبد الله بن جعفر، وأمر لها بخمسمائة درهم. •••
كانت صدوف امرأة تأبد الكلام وتسجع في المنطق، وكانت واسعة الثراء ذات مال كثير، فأتاها قوم كثير يخطبونها، فردتهم، وكانت تتعنت خطابها في المسألة وتقول: «لا أتزوج إلا من يعلم ما أسأله عنه ويجيبني على حده لا يعدوه.» فلما انتهى إليها حمران بن الأقرع، قام قائما لا يجلس، وكان لا يأتيها خاطب إلا جلس قبل إذنها، فقالت: ما يمنعك من الجلوس؟ قال: حتى يؤذن لي، قالت وهل عليك أمير؟ قال: رب المنزل أحق بفنائه، ورب الماء أحق بسقائه، وكل له ما في وعائه.
فقالت: اجلس، فجلس. قالت له: ما أردت؟
قال: حاجة، ولم آتك لحاجة.
قالت: تسرها أم تعلنها؟
قال: تسر وتعلن.
Неизвестная страница