ألم الجراح ؛ ولعا منهم بالغاية ، وشوقا إلى جوار المصطفى (ص).
ولا تستغرب هذا ، فمن يعرف حالة العاشق ، وأنه عند توجه مشاعره نحو المحبوب لا يشعر بما يلاقيه من عناء ونكد. ولقد حكى المؤرخون : أن كثيرا الشاعر (1) كان في خبائة يبري سهاما له ، فلما دخلت عليه عزة ونظر إليها أدهشه الحال ، فأخذ يبري أصابعه ، وسالت الدماء وهو لا يحس بالألم (2).
ويتحدث الرواة : أن شابا من الأنصار استقبل امرأة فأعجبته فأتبعها النظر ؛ فدخلت في زقاق وهو خلفها ينظر إليها ، فاعترضت وجهه زجاجة في حائط ؛ فشقت وجهه وهو لا يشعر ، فلما مضت المرأة رأى الدماء تسيل على ثوبه وصدره ، فأتى رسول الله (ص) وحكى له ، فنزل قوله تعالى : ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ) (3).
ويحدث النبي (ص)، بأن الشهيد المقتول في سبيل الدعوة الإلهية لا يجد من مس القتل ، إلا كما يجد الإنسان من مس القرصة (4).
وأما رشيد الهجري (5)، فإنه لما دعاه ابن زياد ، وسأله عما أخبره أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، قال : بلى ، دخلت عليه يوما وعنده أصحابه ، وكان في بستان ، فدعا
Страница 71