نصره ، ولست أحب أن يراني وأراه (1).
فأعاد الحجاج كلامه على الحسين ، فقام صلوات الله عليه ومشى إليه في جماعة من أهل بيته وصحبه ، فدخل عليه الفسطاط ، فوسع له عن صدر المجلس ، يقول ابن الحر : ما رأيت أحدا قط أحسن من الحسين ولا أملأ للعين منه ، ولا رققت على أحد قط رقتي عليه حين رأيته يمشي والصبيان حوله ، ونظرت إلى لحيته فرأيتها كأنها جناح غراب ، فقلت له أسواد أم خضاب؟ قال : «يابن الحر عجل علي الشيب». فعرفت أنه خضاب (2).
ولما استقر المجلس بأبي عبد الله ، حمد الله وأثنى عليه وقال : «يابن الحر إن أهل مصركم كتبوا إلي أنهم مجتمعون على نصرتي ، وسألوني القدوم عليهم ، وليس الأمر على ما زعموا (3)، وإن عليك ذنوبا كثيرة ، فهل لك من توبة تمحو بها ذنوبك؟»
قال : وما هي يابن رسول الله؟ فقال : «تنصر ابن بنت نبيك وتقاتل معه» (4).
فقال ابن الحر : والله ، إني لأعلم إن من شايعك كان السعيد في الآخرة ، ولكن ما عسى أن أغني عنك ، ولم اخلف لك بالكوفة ناصرا ، فانشدك الله أن تحملني على هذه الخطة ، فإن نفسي لا تسمح بالموت ، ولكن فرسي هذه (الملحقة) والله ، ما طلبت عليها شيئا قط إلا لحقته ، ولا طلبني أحد وأنا عليها إلا سبقته ، فخذها فهي لك.
قال الحسين : «أما إذا رغبت بنفسك عنا ، فلا حاجة لنا في فرسك (5) ولا فيك ، وما كنت متخذ المضلين عضدا (6)، وإني أنصحك كما نصحتني ، إن استطعت أن لا تسمع صراخنا ، ولا تشهد وقعتنا فافعل. فوالله ، لا يسمع واعيتنا أحد ولا ينصرنا
Страница 189