Муккамат аль-Даиах аль-Наджех фи Даў' аль-Китаб ва аль-Сунна
مقومات الداعية الناجح في ضوء الكتاب والسنة
Издатель
مطبعة سفير
Место издания
الرياض
Жанры
والنبي ﷺ هو أُسوتنا وقدوتنا، وإمام الدعاة إلى الله، وقد سلك هذا المسلك، فنفع الله به العباد، وأنقذهم به من الشرك إلى التوحيد، وكان لسياسته الحكيمة عظيم النفع والأثر في نجاح دعوته، وإنشاء دولته، وقوة سلطانه، ورفعة مقامه، ولم يُعرَف في تاريخ السياسات البشرية أن رجلًا من الساسة المصلحين في أيِّ أمةٍ من الأمم كان له مثل هذا الأثر العظيم، ومَن مِن المصلحين المبرِّزين - سواء كان قائدًا مُحنَّكًا، أو مربِّيًا حكيمًا - اجتمع لديه من رجاحة العقل، وأصالة الرأي، وقوة العزم، وصدق الفراسة، ما اجتمع في رسول الله ﷺ؟ ولقد برهن على وجود ذلك فيه: صحة رأيه، وصواب تدبيره، وحسن تأليفه، ومكارم أخلاقه، ﷺ (١).
فإذا قام الداعية بسلوك هذا المسلك بإخلاص، وصدق، وعزيمة، اكتسب من الحكمة في الدعوة إلى الله مكتسبًا عظيمًا.
وطرق السياسة الحكيمة في الدعوة إلى الله ﷿ كثيرة، منها الطرق الآتية:
الطريق الأول: تحري أوقات الفراغ، والنشاط، والحاجة عند المدعوين حتى لا يملُّوا عن الاستماع ويفوتهم من الإرشاد والتعليم النافع، والنصائح الغالية الشيء الكثير، وقد ثبت عن النبي ﷺ أنه كان يتخوّل
أصحابه بالموعظة كراهة السآمة عليهم، فعن عبد الله بن مسعود ﵁ قال: «كان النبي ﷺ يتخوَّلُنا بالموعظة في الأيام كراهة السآمة علينا» (٢).
_________
(١) انظر: هداية المرشدين، للشيخ على محفوظ، ص٢٤، و٣١.
(٢) البخاري، كتاب العلم، باب ما كان النبي ﷺ يتخولهم بالموعظة والعلم كي لا ينفروا، برقم ٩٥، وباب من جعل لأهل العلم أيامًا معلومة، برقم ١١٨.
1 / 73