============================================================
الفن الأول: في النظر وإدراك الحق صاحب المنزل فقال له: فقدث دابتي. فقال له: أراكبا جئت؟ قال: نعم. قال له: انظر حسنا وفكز، فلعلك جئت راجلا، وأنك ترى أنك كنت راكبا. قال: ما جئث إلا راكبا. قال له: تثبث وانظر فلعله يخيل إليك وشبة عليك. قال: وما أحتاج إلى الفكرة والنظر، وأي موضع يخيل، وأي شك(1) هذا، أنا أعلم يقينا أني جئث راكبا. وشدت الدابة في موضع كذا، ولسث بنائم ولا مغلوب.
فأعاد عليه رب المنزل يأمره بالفكر والحذر من أن يكون ظانا أو حسبانا. قال له: دعنا منك، ماهذا موضع الظن ولا حسبان، ولست بمجنون ولا مؤوف.
فلما رأى الرجل ما صار إليه هذا الشوفسطائيي قال له: فكيف تدعي أن لا حقيقة لشيء وأن الأشياء بظن وحسبان، وأن حال اليقظان كحال النائم.
قالوا: ففحم الشوفسطائي ورجع عن مقالته، وكان هذا سبب رجوعه. وأنت أبقاك الله ترى الرجل منهم يركب بمكروه فيصرخ، ويستغيث، ويتظلم، ويمزق على نفسه ثيابه، ويضع الثراب على رأسه، فهذا شك أنه فيما يدعي من أنه لا حقيقة للأشياء مع فعله، هذا غير صادق على نفسه:
(1) في الأصل: وشك.
Страница 79