============================================================
الفن الرابع: المقالات التي اختلف فيها أهل الملة قالوا: فالذي يعلم الشيء بالمشاهدة يعلم منه ما لا يعلمة غيره ممن لم يشاهذه، ليس أن هناك شيئا هو ماهيته.
قالوا: ونظير ذلك أن نبيا من الأنبياء لو قال لنا: في هذا البيت عرض لعلمنا أن الأمر على ما قال، ولم نعلم ما ذلك العرض، فإذا رأيناه علمنا مالم نكن علمناه، قيل: ليس أن في العرض شيئا غيره أو بعضه علمناه عند المشاهدة.
قال لهم مخالفوهم من أهل التوحيد: إن الأمر في ذلك ليس على ما ظننتم، وإنما جهلنا أي الأعراض ذلك العرض، ولولا أنا عند قول النبي عليه السلام لنا ما قال، كنا نعلم أن الأعراض كثيرة ما اشتبه الأمر علينا فيه، فلما جاز أن نعرف عند مشاهدته ما جهلناه قبلها، ولما جاز أن يقال: إن له ماهية، ل ولو ظننا أنه لا عرض إلا عرض واحد لا ثاني له ولا نظير، ثم قال النبي عليه السلام: إن في هذا عرضا؛ لم يحتخ في العلم لشيء من أحواله إلى المشاهدة، فلما كان الله واحدا لا ثاني له ولا نظير، كان من عرفه فلم يخف عليه منه شيء ولم يشاهذه، ولم يجز أن يكون له ماهية يجهلها غيره ممن لم يشاهذة، ولو كانت له ماهية كان من عرف أنه موجود فقد عرفها.
قالوا: فإن قال خصومنا: ليس هكذا، ولكن الوجل الذي يعلم أنه لا عرض إلا عرضق واحد لا ثاني له ولا نظير إذا شاهده استفاد علما آخر هو علم المشاهدة، اجتمع له علمان بعد أن كان لا يعلمه إلا علم واحد. قلنا: هذا ما يقولون، وليس يوجب أن العرض ماهية علمها بالعلم) الثاني، بل إنما علمها (11/54 جميعا العرض بنفسه، لأن الشيء الواحد قد نعلم بعلوم كثيرة، فإن كنتم إلى هذا تذهبون فنحن لا ننكر أن يكون الله بنفسه أعلم منا به جل وعز، لا ننكر أن يكون بعض أعلم به من بعضي.
Страница 267