أقول إنه إذا كان فى الجرم المشكل خليط من الجرم المستشف الغالب أكثر كان منه لون البياض، فان │ البياض هو اللون الحق وهو أفضل الألوان، فصار لذلك واقعا تحت البصر أكثر من سائر الألوان.
فإذا فارق هذا اللون أعنى البياض فراقا تاما كان ذلك علة سواد الجرم، والسواد ليس لونا لكنه عدم اللون للعلة التى ذكرنا آنفا، فأما الألوان التى من البياض والسواد فيكون كونها واختلافها من قبل اختلاط الأجرام المستشفة واللاتى ليس لها مستشف.
ونقول أيضا إن النار واقعة تحت البصر من بين الأجرام المبسوطة وهى فى طبيعتها مستشفة جدا فلذلك تقوى على إضاءة الهواء فتصيره تام اللون كتمامها، فإن الضوء هو تمام المستشف الذى ليس بمحدود وصورته، فأما الأرض فلا مستشف لها البتة.
فإن كان هذا على ما ذكرنا فلا محالة أن جميع الألوان تكون من خلط هذين الجرمين الأولين المبسوطين أعنى النار والأرض وأن اختلاف الألوان يكون على نحو اختلاف خلط أحدهما فى الآخر.
ونقول أيضا: كما أن نصف الشم ونقول: من الأجرام ما لها رائحة ومنها ما لا رائحة له — فأما ذو الرائحة منها فهو الذى فى كونه ووجوده ذو رائحة وأما ما لا رائحة له فهو القابل للرائحة المؤدى للرائحة الكائنة فى الأجرام ذوات الرائحة — كذلك أيضا نصف ونقول إن المستشف المحدود هو ذو اللون، وهذا هو طبيعة اللون أعنى المستشف المحدود.
وأما المستشف غير المحدود فهو الجرم الذى لا لون له فى طبيعته وهو قابل الألوان ومؤديها إلى حس الحيوان.
Страница 372