لنأخذ عنه أخبار الأوائل
هو البحر الذي في كل فن
يحل بفكره صعب المسائل
ولقد سأله أحد جلسائه عن تاريخ بعض الممالك المشهورة، وعن مباني البرابي والأهرام التي هي من الآثار المأثورة، فأجاب عما أراد بأوضح إشارة، وأرشده إلى الصواب بأفصح عبارة، وأماط القناع عن وجه أشرف البقاع، وبسط الكلام على ما كانت مصر عليه من الأحوال الظاهرة والباطنة في عهد ملوكها الأولين من الفراعنة، ونوه بما وقع فيها من كمشيد وباقي الأكاسرة، ونبه على حوادث البطالسة والقياصرة، وقص أثر فتوحها بالإسلام، وانتزاعها من قبضة الأروام، وكان ذلك في محفل حافل، حضره جم غفير من الأفاضل، وقد قام من بينهم شيخ كبير بدقائق علم التاريخ خبير، فقال مخاطبا له بأشرف المعاني، وألطف الألفاظ والمباني:
تاريخ آدم والدنيا بأجمعها
لولاك ما زاد إيضاحا ولا ظهرا
لا زلت تبدي بما أوتيت من حكم
في كل ما فيه نفع للورى أثرا
ووفد عليه وهو بمدينة بغداد درويش من الأمجاد، فغمره ببحار المواهب، ورفع قدره بين ذوي المراتب، وكان هذا الدرويش خزانة نوادر، وكنانة نكات تهيم بسماعها الأكابر، فقال له رجل من ندماء الفارس اسمه كميت: حدثنا بأحسن ما رأيت؛ فقال الدرويش صاحب المخترعات المشكورة، والمبتدعات الحسنة المشهورة:
إني مررت في سياحتي بخراسان على قرية كانت لبني ساسان، فرأيت بظاهرها شيخا محلوق اللحية عاري الجسد، وشيخة في عينها اليسرى رمد، وهي كالتي قال في حقها الواحد الأحد:
Неизвестная страница