ما أحسن المحراب في المحراب
وكان هذا الملك عارفا بالفقه على مذهب أبي حنيفة، عاكفا بكليته على الجهاد ونصرة الخليفة، متولعا بسماع الحديث، معرضا عن كل شين وخبيث، مجتنبا للإجحاف، مقبلا على الإنصاف، منتهيا عن المحرم من المشارب والمآكل، والملابس التي يتبهرج بها الجاهل، واقفا عند أوامر الشرع ونواهيه، آمرا بذلك رعيته وحاشيته وذويه، فلما تمثل القادمون بين يديه، وعرضوا بلا توان عليه، سألهم عن الحال، ومن أين الإقبال؟ فسارع أبو الفخار إلى لثم راحته الشريفة، وترنم في مدحه بأشعار ابن القيسراني المنيفة:
لك الله إن حاربت فالنصر والفتح
وإن شئت صلحا عد من حزمك الصلح
وهل أنت إلا السيف في كل حالة
فطورا له حد وطورا له صفح
سقيت الردينيات حتى رددتها
ترنح من سكر فخل القنا تصحو
وما كان كف العز إلا إشارة
إلى الحزم لو لم يغضب السيف والرمح
Неизвестная страница