أي دراسة طريقة توزيع السكان على التربة، وتوزيعهم في المدن والأرياف، كما يؤدي إلى الجغرافيا البشرية التي تدرس العلاقات المتبادلة بين الإنسان وبيئته الطبيعية، وهي الدراسة التي تعد الجغرافيا الطبيعية مقدمة ضرورية لها. (د) علم الاجتماع السكوني (الاستاتيكا الاجتماعية) وعلم الاجتماع الحركي (الديناميكا الاجتماعية)
وهكذا تتكون لدينا فكرة معينة عن مدى اتساع المجال أمام علم الاجتماع. ولكن يجب أيضا أن نشير إلى اتجاهات أخرى في البحث، فلنبدأ بكلمة عن التمييز الحاسم الذي نبه إليه من قبل أوجست كونت، بين السكوني والحركي. فالدراسة تبحث في «التضامن الاجتماعي»، وفي شروط وجود مجتمع معين في لحظة معينة من تاريخه، وفي تركيبه، أعني في العلاقات المتبادلة بين النظم التي تظهر فيه، والجماعات الخاصة التي تكونه . وفي هذه الدراسة يبدو المجتمع العام، بحضارته الخاصة، كأنه كل «شبيه إلى حد ما» بالكل الذي يكونه الكائن العضوي.
16
وقد حددت النظرية الوظيفية هذه الفكرة وألحت في بيان ضرورة دراسة كل حضارة وكل مجتمع أنه قائم بذاته.
أما الدراسة الحركية فتتعلق بتاريخ المجتمعات من الوجهة الزمنية، وهي في ذلك ترتبط بالتاريخ في علاقات وثيقة. والصفة الغالبة على هذا البحث في معظم الأحوال هي الميل إلى التحليل. فالباحث يستطيع تتبع التطور الزمني الذي يمر به نظام معين، كالأسرة، أو سمة حضارية خاصة كالصلاة، أو إحدى الأدوات، أو الأساليب الفنية، داخل مجتمع معين، أو في مختلف المجتمعات التي يتمثل فيها. وقد يعن له أن يبحث عن منطق هذا التطور خارج النطاق التاريخي، فيفحص نظما متعاصرة، ولكنها توجد في مجتمعات مختلفة، كالأساليب الزراعية المختلفة التي تتبع اليوم لدى شعوب أفريقية معينة، وفي مزارع فرنسية، وفي مزارع جماعية روسية، ويرى فيها أمثلة لمراحل مختلفة في تطوير يحاول إعادة تركيبه. ولكن من الواجب أن نكون على الدوام حذرين في حالات إعادة التركب هذه، حيث لا يعمل العنصر الزماني على تحقيق العنصر المنطقي. (ه) علم الأجناس البشرية
éthnologie
وعلى كل، فإن هذه الرغبة في تتبع تطور ذي طابع عقلي، هي التي أضفت مثل هذه الأهمية على الدراسات المتعلقة بالمجتمعات المسماة بالبدائية، وهي الدراسات التي حاول الباحثون أن يتبينوا خلالها الصور الأصلية والأولية للحياة الاجتماعية. ومعظم العلماء يطلقون اسم «علم الأجناس البشرية»
éthnologie
على ذلك الفرع من علم الاجتماع الذي يخصص لدراسة مثل هذه المجتمعات. ومن مزايا هذه الدراسة أيضا أن المجتمعات البدائية، بما تتميز به من ضيق نطاقها، تقدم إلى الباحثين موضوعات أقل تعقيدا، وأصغر حجما من المجتمعات الحديثة؛ بل موضوعات أكثر استقرارا، وذلك لأنها لما كانت في عزلة نسبية وأقل تعرضا للمؤثرات الخارجية، ولا تعرف فكرة التاريخ ولا فكرة التقدم، وتبث في الفرد احترام التقاليد والأساطير، فإنها تتطور على نحو بطيء جدا. كما أن من مزاياها أنها تكشف بوضوح عن الطابع المميز للظواهر الاجتماعية وعن مدى سيطرتها . فالمطالبة بحقوق الفرد، ومحاولة الابتكار، وممارسة التفكير الشخصي، كل هذه الأمور لا تتبدى فيها على الإطلاق، إذ يستوعب الجماعي الفردي تماما. وأخيرا يمتاز علم الأجناس بأنه يلفت الأنظار إلى ما تتصف به الحضارات من تعدد، ومن تعرض للزوال، وهي الصفات التي تحدث عنها منتني
Montaigne
Неизвестная страница