homo faber ، أعني كائنا يستخدم وسائل معينة من أجل تحقيق غاية ما. هذه الأسئلة هي: (1) (ميتا فيزيقا الغائية): كيف يمكن تصور هذا الخلق؟ هل لنا أن نتحدث عن عناية إلهية؟ أم نقتصر على افتراض «طبيعة خيرة» أي طبيعة تسهر على رعاية مصالح الكائنات الحية. (2) (مشكلة القيم) إن الغاية أسمى من الظواهر التي يجب عليها تفسيرها، وهي أرفع في قيمتها منها؛ فالحيوان أعظم قيمة من أعضائه، وهكذا يؤدي التفسير الغائي إلى إقحام اعتبارات «القيمة» وهي اعتبارات لا شأن للعلم بها. (3) (اتفاق الغايات) كيف نوفق بين كل التفسيرات الغائية؟ أيتسنى لنا التوفيق بين ما هو في صالح كائن عضوي وما هو في صالح كائن آخر؟ وهل خلق العشب «من أجل» آكلة العشب؟ أم أن آكلة العشب خلقت «من أجل» آكلة اللحوم؟ ولمن، أو لم، خلقت آكلة اللحوم؟
تلك سلسلة من المشكلات التي يفضي إليها التفسير الغائي بالمعنى الذي حددناه من قبل، أو إن شئت فسمه التفسير القائم على التشبيه بالإنسان
anthropomorphique ، وهي مشكلات لا قبل للعلم بها. ولذا أمكن أن توجه إلى هذه الغائية في علم الحياة الاعتراضات التالية:
7
كل تقدم في العلم إنما هو تقدم في التفسير عن طريق العلل، فمثلا كان الرأي متفقا من قبل على أن العلم يفسر الظواهر المتعلقة بأداء الأعضاء التامة التكوين لوظائفها (
catagenèse )، ولكنه يخفق في تفسير تركيب هذه الأعضاء وخلقها ونموها (
Anagenèse ) ولكن تبين أن خلق الأعضاء (وكان يسمى من قبل
ontogenèse
أي خلق الفرد) يرتبط ارتباطا وثيقا بالهرمونات التي تفرزها الغدد الصماء، كالغدة الدرقية مثلا، التي تفرزها الأجسام الدرقية، وهكذا يتضح لنا أننا بسبيل الوصول إلى نظرية «سببية» علمية خاصة بظواهر تكوين الأعضاء. (4)
على أن المسألة لا تقف عند هذا الحد، فالتفسير الغائي لا يمكن الانتفاع به من الناحية العملية، ففي التطبيق الطبي، لا يهمنا أن نعلم إذا كان الهضم «غاية» للمعدة، والواقع أن المعدة تهضم «لأنها» تفرز العصارة الهضمية، وأن المرء يصاب بعسر هضم عندما تنقص في العصارة الهضمية مادة معينة يمكن أن يحل محلها دواء معين، ولقد قال بيكن - ساخرا: «إن السعي وراء العلل الغائية إنما هو سعي عقيم لا يلد شيئا، مثله مثل العذراء التي تهب نفسها لله.»
Неизвестная страница