هذه الطبيعة على أنها نوع من «التناسب من شأنه أن يؤدي بكل الأجزاء إلى الاحتفاظ فيما بينها بنفس علاقات الحركة والسكون.» (3) يبذل الكائن العضوي من أجل هذه الطبيعة أو الماهية «جهدا للمحافظة على وجوده» كما قال إسبينوزا
3
أعني «ميلا» إلى المحافظة على صيغة تركيبه أو إلى إعادة تركيبها. (ج) الحياة والتمثيل والتعويض (4) هذا الميل يبعث في أعماق الكائن الحي وظائف التغذي والتعويض، فبالتغذي «يمثل» مواد خاما تأتيه من الخارج، أي إنه يلائم بين هذه المواد وبين تركيبه ويدمجها فيه، وفضلا عن ذلك يعوض ما يفسد من كيانه بأن يعيد إلى حد ما بناء الأنسجة المصابة (ظاهرة الاندمال
cicatrisation ) ويطرد أسباب الفساد أو يبطل أثرها، ولقد كان الأطباء القدامى يقولون بوجود قوة علاجية للطبيعة
vis medicatrix naturae
أي قدرة طبيعية تعيد ترميم الكائن، والحق أن علاج المرض يحدث في كثير من الأحيان؛ بل في أغلب الأحيان، عن طريق «ترك الطبيعة تعمل» أي عدم الوقوف في وجهها. ولقد كان أنصار «طب الانتظار» أعني أولئك الذين يؤمنون بالعلاج الذي تنتظر فيه الطبيعة حتى تقضي على أصل الداء أو تعيد الأمور إلى نصابها؛ كانوا يقولون: علينا أولا ألا نفعل شيئا يضر (
primo non nocere ). والواقع أن شفاء كسر في العظام ليس غير إعادة وضع الطرفين في الموضع المعتاد (أي جبر الكسر) ثم الانتظار حتى يتم الالتئام من تلقاء ذاته، ومن هنا كان «أمبرواز باريه»
Ambroise Paré
يقول عن الجرح «لقد كنت أضمده، ولكن الله هو الذي يشفيه.» (د) غرائز البقاء والتكاثر (5) ويبدو هذا الميل بصفة أكثر وضوحا، في الغرائز التي هي نظم تلقائية من الأفعال، تهدف بوضوح إما إلى حفظ الكائن الحي (كالدفاع عن الذات، أو الحركة، أو البحث عن الغذاء أو التقاطه) وإما إلى تكاثره (كالحمل، وإخراج الكائن الجديد وتغذيته وحمايته ... إلخ.) (ه) الحياة والغائية
وهكذا تجري الأمور كما لو كان الكائن الحي ينطوي في ذاته، كما يقول كلود برنار،
Неизвестная страница