والحيوان والإنسان ، التي هي أنواع جوهرية مركبة من مادة وصورة ، أي الفصول التي هي باعتبار ما صورة ، كما في النبات والحيوان ، وكالصورة كما في الإنسان ، يكون جوهرا البتة. إذ لو كان عرضا ، لكان تقوم تلك الأنواع الجوهرية به ، ويلزم تقوم الجوهر بالعرض وهو محال. وإذا كان جوهرا ، ثبت ما هو المطلوب ، وهو جوهرية تلك النفوس التي قلنا إنها كمال.
وبيان دفع هذا التوهم : أن ليس الجوهري والجوهر واحدا ، إذ الجوهري ما كان حمله على الشيء حملا جوهريا ، أي ذاتيا كحمل الجنس على النوع ، وحمل النوع على الشخص. والجوهر ما كان موجودا لا في موضوع البتة بالقياس إلى ذاته وإلى جميع الأشياء. وكذلك العرضي والعرض الذي في إيساغوجي ، أي في باب الكليات الخمس ، ما كان حمله على الشيء حملا عرضيا خارجا عن حقيقته ، لا ذاتيا كحمل العرض العام أو الخاصة على ما تحتها ، وكحمل الجنس على الفصل ، كما عرفت بيانه. والعرض الذي في قاطيغورياس ، أي في باب المقولات العشر ، هو ما يكون في موضوع.
وحينئذ فالجوهر كما يمكن أن يكون جوهريا بالنسبة إلى شيء ، كالحيوان بالنسبة إلى الإنسان ، وكذلك مفهوم الجوهر بالقياس إلى الحقائق الجوهرية التي هي الأنواع ، إن قلنا إنه جنس لما تحته من الأنواع ، كذلك يمكن أن يكون عرضيا غير جوهري بالنسبة إلى شيء ، كالحيوان بالنسبة إلى الناطق ، فإنه لو كان جنسا ذاتيا له أيضا ، يلزم أن يكون امتيازه عن غيره بفصل آخر ، وهكذا ، فيلزم التسلسل المحال.
وكذلك العرض ، كما يمكن أن يكون عرضيا بالنسبة إلى شيء مثلا بالنسبة إلى فصول الكيفيات ، التي هي أنواع عرضية على ما عرفت بيانه. وكمفهوم العرض ، إن قلنا إنه ليس جنسا لما تحته من الأنواع ، كذلك يمكن أن يكون جوهريا بالنسبة إلى شيء ، كالكيف بالنسبة إلى أنواع الكيفيات ، وكمفهوم العرض إن قلنا إنه جنس لما تحته من الأنواع.
وإذا عرفت ما ذكرنا ، ظهر لك أن تلك الكمالات التي نحن بصدد بيانها ، أعني النفس
Страница 68