384

بالنسبة إلى ما يصدق هو عليه ، لا ذاتي ، كما هو البين والمبين في موضعه ؛ فكيف يمكن أن يكون فصلا ، والفصل يجب أن يكون ذاتيا لما هو فصل له؟ وأيضا مفهوم الشيء مفهوم عام يعم ما فرض هو فصل له وغيره ؛ والفصل يجب أن يكون مختصا بما هو فصل له. وكذلك تلك النسبة الإضافية عرض متقوم بطرفيها ، أي الشيء وتلك المبادي للاشتقاق ؛ فكيف يمكن أن تكون فصلا؟ فإنها لو كانت فصلا للأنواع الجوهرية ، لزم تقوم الجوهر بالعرض ، وهو محال. وقد عرفت أن تلك المبادي للاشتقاق ، التي هي إحدى طرفي تلك النسبة ، ليست بفصل ، فليس شيء من أجزاء هذا المفهوم فصل. وظاهر أيضا أنه لا يمكن أن يكون المجموع المركب من تلك الأجزاء فصلا ، إذ ليس هنا سوى تلك الأجزاء أمرا آخر من هيئة تركيبية أو نحوها يصلح أن يكون فصلا .

فظهر أن ليس تلك المفهومات فصلا ، وبقي النظر فيما صدق عليه تلك المفهومات ؛ فنقول : إن ما صدق عليه النامي مثلا ، إن كان المراد به الجسم من حيث هو جسم ، كان جنسا ، فلم يكن فصلا. وإن كان المراد به الجسم النامي من حيث هو جسم ، نام ، كان نوعا ، فلم يكن فصلا أيضا ، وكذلك الحال في الحساس ، فإنه إن اريد به الجسم النامي. لم يكن فصلا بل جنسا ، وإن كان المراد به الحيوان ، كان نوعا ، فلم يكن فصلا أيضا. وكذلك الحال في الناطق ، فإنه إن اريد بما صدق هو عليه الحيوان ، كان جنسا ، وإن كان المراد به الإنسان ، كان نوعا ، فلم يكن فصلا أيضا. فبقي أن يكون المراد بما صدق عليه تلك المفهومات أمر آخر وراء هذه ، يمكن أن يكون فصلا ، وهو الموصوف حقيقة بهذه المشتقات ، وبتوسطه ، أي بتوسط اتحاده مع ذلك الجنس والنوع ، اتصف الجنس والنوع بها ، وصح الحمل بينها بالتواطؤ ، أي النفس النباتية للنبات ، والحيوانية للحيوان ، والناطقة للإنسان ، التي بها امتازت هذه عمن غيرها وتحصلت وتقومت ، ولا نعني بالفصل إلا هذا.

إيراد شبهة هنا ودفعها

لا يقال : إذا كان امتياز تلك الأنواع بتلك الفصول التي قلت إنها تلك النفوس ، فامتياز

Страница 56