310

أصلا.

على أن هذا التوجيه مخالف لظاهر كلام القائل ، لأنه يجعل ما ادعاه القائل من لزوم الانقلاب الذاتي كما هو صريح كلامه لغوا ، بل باطلا ، لأن هذا الانقلاب إنما يتصور إذا اريد الوجود المطلق في كليهما ، أو اريد وجود خاص بعينه ، من جهة واحدة في كليهما ، وإذ ليس فليس.

سلمنا كونه مستدركا لا دخل له في المحذور ، كما فهمه المحشي المذكور ، إلا أنه يجعل ما ادعاه القائل في الشق الأول من الإلزام ، وهو كون الحادث في زمان عدمه ممتنعا مستدركا أيضا لا طائل تحته ، إذ لو كان المحذور اللازم ، هو غناء الحوادث عن المحدث وحده لكفى أن يقول يلزم حينئذ كون الحادث في زمان وجوده واجبا بالذات من غير تعرض لبيان حاله في زمان عدمه.

سلمنا أنه تعرض له مقابلة لكلام المانع ، حيث إنه تعرض لبيان حال الممكن أو لوجوده في زماني الابتداء والإعادة إلا أنه حينئذ لا يلزم ادعاء لزوم كون الحادث في زمان عدمه ممتنعا ، بل يكفي أن يقال : إنه يلزم كون الحادث في زمان عدمه ممكنا وفي زمان وجوده واجبا ، إذ على هذا أيضا يلزم غناء الحوادث عن المحدث ، كما هو المقصود. بل أن هذا التوجيه يجعل ما ادعاه المحقق في توجيه كلام القائل على التقريرين من لزوم كون الحادث في زمان عدمه أو اتصافه بالوجود في زمان عدمه ممتنعا مستدركا أيضا بعين ما ذكرنا ، فتدبر.

وقوله : فإن قيل في توجيه الانقلاب الذاتي إلى قوله بل رأى إسقاطه أولى.

لما كان هذا التوجيه يجعل حديث الانقلاب الذاتي الذي ادعى القائل أي صاحب المواقف لزومه مستدركا أراد توجيه الانقلاب بمعنى لا يكون مستدركا.

فقال : أولا إن القائل لعله أراد بالانقلاب الذاتي مثل هذه الصورة أي أن يكون شيء واحد في زمان عدمه ممتنعا باعتبار الوجود المطلق أو الخاص ثم يصير في زمان وجوده واجبا باعتبار وجود خاص آخر. وهذا وإن لم يكن انقلابا ذاتيا اصطلاحا ، لكنه اطلق عليه لفظه تجوزا.

ثم أجاب عنه بأن هذا المعنى لا يلائم ما ذكره القائل بقوله : وفي تجويز هذا الانقلاب

Страница 359