سلس البول ونحوه استباحة فرض الصلاة وإن توضأ للسنة نوى استباحة الصلاة.
الثاني: غسل الوجه وحده ما بين منابت شعر رأسه ومقبل ذقنه وما بين أذنيه فمنه الغمم والهدب والحاجب والعذار والعنفقة بشرًا وشعرًا وإن كثف وشعر اللحية وشعر
ــ
ولا يعتد بالنية إلا إن كانت "عند غسل الوجه" فإن غسل جزأ منه قبلها لغا فإذا قرنها بجزء بعده كان الذي قارنها وهو أوله ووجب إعادة غسل ما تقدم عليها ثم المتوضئ إما سليم وإما سلس فالسليم يصح وضوؤه بجميع النيات السابقة بخلاف السلس. "و" من ثم "ينوي سلس البول ونحوه" كالمذي١ والودي٢ "استباحة فرض الصلاة" أو غيرها من النيات السابقة لا رفع الحديث والطهخارة عنه لأن حدثه لا يرتفع ويستبيح السلس بذلك ما يستبيحه المتيمم مما يأتي وإنما تلزمه نية استباحة الفرض إن توضأ لفرض. "وإن توضأ لسنة نوى استباحة الصلاة" ولو نوى المتوضئ مع نية الوضوء تبردًا أو تنظفًا كفى، لكن إن نوى ذلك في الأثناء اشترط أن يكون ذاكرًا لنية الوضوء وإلا لم يصح ما بعدها لوجود الصارف، وكذا لو بقي رجلاه مثلا فسقط في نهر لم يرتفع حدثهما إلا إن كان ذاكرًا لها، بخلاف ما لو غسلهما فإنه يرتفع مطلقًا ولا يقطع نية الاغتراف حكم النية السابقة وإن عزبت٣ لأنها لمصلحة الطهارة لصونها ماؤها عن الاستعمال، ومتى شرك بين عبادة وغيرها لم يثب مطلقًا عن ابن عبد السلام٤، وعند الغزالي٥ إن غلب باعث الآخرة أثيب وإلا فلا، وكلام المجموع وغيره في الحج يؤيده.
الفرض "الثاني: غسل" ظاهر "الوجه" أي انغساله وكذا يقال في سائر الأعضاء للآية٦ "وحده" طولا "ما بين منابت شعر رأسه" أي ما من شأنه ذلك "و" "مقبل ذقنه و" عرضًا "ما بين أذنيه فمنه الغمم" وهو ما ينبت عليه الشعر من جبهة الأغم إذ لا عبرة بنباته في غير
_________
١ المذي: ماء رقيق يخرج من مجرى البول من إفراز الغدد المبالية عند الملاعبة والتقبيل من غير إرادة، "المعجم الوسيط، ص٨٦٠".
٢ الودي: الماء الرقيق الأبيض الذي يخرج في إثر البول في إفراز البروستاتة "المعجم الوسيط: ص١٠٢٢".
٣ عزب الشيء عزوبًا: بعد وخفي.
٤ هو عز الدين أبو محمد عبد العزيز بن عبد السلام بن أبي القاسم السلمي الدمشقي الشافعي، فقيه، مشارك في الأصول والعربية والتفسير، ولد بدمشق سنة ٥٧٧ أو ٥٧٨هـ، وتوفي بالقاهرة في جمادى الأولى سنة ٦٦٠هـ، انظر معجم المؤلفين "٢/ ١٦٢".
٥ هو الإمام حجة الإسلام أبو حامد محمد بن محمد الغزالي، حكيم، متكلم، فقيه، أصولي، صوفي، مشارك في أنواع من العلوم، ولد بالطابران إحدى قصبتي طوس بخراسان سنة ٤٥٠ أو ٤٥١هـ، وتوفي بها سنة ٥٠٥هـ "معجم المؤلفين: ٣/ ٦٧١".
٦ الآية ٦ من سورة المائدة: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ...﴾ .
1 / 24