هذا والمعتبر من تسهيل الحجاب هو قضاء حوائج من ذكرنا، وإنصاف المظلوم، وإغاثة الضعيف التي يجب عليه قضاؤها، ولا يعذر من تركها وأهملها، وسواء وقع ذلك بوصول من ذكرنا إليه أو خروجه إليهم، أو يبعث ثقات يرفعون إليه حوائج المحتاجين إليه، ويوصلون أغراضهم إليه أو تتصل به حوائجهم المحررة بأقلامهم أو بقلم غيره لمن لا يكتب، لما ثبت بالاستقراء أن القلم أحد اللسانين، لكن لا يتم للوالي الخروج من عهدة أدلة الوعيد المذكورة إلا إذا كان كتابه وحجابه ثقاة أمناء على أوراق الناس لحفظها وتبليغها إلى الوالي وإرجاعها إلى أربابها، والأول أتم وأكمل بوصول المظلوم إليه، وذي الحاجة للنظر في حوائجهم والتفرس في أحوالهم.
واعلم أنه لا يجب من تسهيل الحجاب على الإمام وكل من له ولاية أصلية أو فرعية استغراق ليله ونهاره، وذلك لأنه يستثنى له من ضروريات البشر ومكملاتها مثل ما يحتاجه لنفسه، كأكله، وشربه، ولباسه، ونومه، ومع أهله وخاصة نفسه وأولاده، وأقاربه، وأمواله، ومرضه، وراحته من التعب، وللنظر في أمور المسلمين الخاصة والعامة، وتدبير ما يتعلق بهم من الحوادث العامة والخاصة أو معا، مما لا يظن براءة ذمته بإيداعها إلى أعوانه ووزرائه، وكذا لما يحتاجه من المفاوضة والمشاورة مع من يستحق مفاوضته أو مشاورته، فله أن يحتجب من دون إسراف، لدلالة العقل والشرع باستثناء كل ذلك عن محرم الاحتجاب.
والوجه في كل ذلك: ما ثبت بالاستقراء في كتب السنة والسير أنه صلى الله عليه وآله وسلم كان يختلي بنفسه لخاصة أمره، ولضرورته لهم وعليهم.
Страница 139