إذا عرفت هذا فاعلم أن ظاهر خبر المجموع وشواهده أنه لا فرق في المحاربة بين أن يكون في المصر أو في خارج المصر، بحيث يسمع الصوت إذا استغاث المبغي عليه أو لا.
وقد اختلف علماء الأمصار هل يشترط في إخافة السبيل أن يكون في غير المصر أو لا؟ فظاهر كلام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وابن عباس، وأنس بن مالك، وجمهور الصحابة فمن بعدهم ذكره في ((الدر المنثور)) وغيره، وبه قال جمهور العترة، والفقهاء، وأكثر علماء الحديث، وذكره محمد بن منصور في (الجامع الكافي)، ونسبه إلى ابن أبي ليلى، والحسن بن صالح، ومن المتأخرين المحقق الجلال، والشوكاني، إلى أنه لا يشترط ذلك، وأنه لا فرق في ثبوت عموم المحاربة، سواء كانت في المصر أو في خارجه، بحيث يسمع صوت المبغي عليه إذا استغاث أم لا؟
قال الجلال: وأما اشتراط أن تكون إخافة السبيل في غير المصر فمنع اشتراطه الناصر، والإمام يحيى بن حمزة، والإمام مالك، والشافعي، والأوزاعي، والليث، وأبو يوسف، ومحمد، وأبو ثور.
وذهب قوم من علماء السلف والخلف، وبه قال الإمام المهدي، والهادوية، ورجحه المذاكرون للمذهب إلى اشتراط أن تكون إخافة السبيل في غير المصر، بحيث لا يسمع الصوت لو استغاث المبغي عليه.
احتج الأولون بظاهر إطلاق الآية، وحديث الأصل وشواهده إذ لم تقيد بداخل المصر ولا بخارجه.
Страница 161