Манхадж в современной арабской мысли: от хаоса основания к систематической организации
المنهج في الفكر العربي المعاصر: من فوضى التأسيس إلى الانتظام المنهجي
Жанры
ثمة إحساس ووعي واستشعارات داخلية قوية لم تعد تراهن على تقليد الغرب في تحقيق الإنجاز الحضاري، أو على منهجية تلفيقية تجمع بين الحداثة وبعض إنجازاتها، والتراث ومفاهيمه؛ بعد أن ضاع من الأمة زمن غير يسير من السير خلف هذا الذي يأتي أو لا يأتي، بقدر ما تراهن على مقومات الهوية العربية الإسلامية في النهوض، والبحث عن مسافة حقيقية في علاقتها مع الغرب تحددها هذه الهوية، وأن الرهان على النماذج المعرفية والمنهجية الإدراكية المتلقية مستحيل، خصوصا في جو من الأزمات التي تعيشها هذه النماذج، والانتقادات الصارمة التي تتلقاها في الداخل.
إن النهضة الحقيقية تنطلق من النسق الفكري للأمة ومن أصالتها المنهجية وصدق وفعالية أفكارها وقدرة جهازها المفاهيمي على التوليد والإبداع، وإن حركة التاريخ لا تؤتي ثمارها إلا في إطار نسقها العقدي والفكري، أما الاعتماد على مجموعة من المرتكزات والمفاهيم المنبثقة من أنماط حضارية أخرى فيحدث الخلل والتناقض، ويعطل المسير حيث ينبغي له السير، ويسير حيث لا ينبغي أن يسير.
هذه قضايا حاولنا قدر الوسع والطاقة أن نعالج بعضا منها من خلال نماذج اخترنا الاشتغال عليها، وحد بينها هم التاريخ والتقدم والنهضة والخروج من التخلف، وفرق بينها المنهج والرؤية والتصور.
وقد كان هاجسنا في هذا العمل البحث عما يجمع هذه التيارات لا ما يفرقها، لهذا تجنبنا السقوط في التحليل الاختزالي الذي يرى المخالف شرا مستطيرا، ومن يشترك معه في تحيزاته الصواب والحق، وإنما تحيزنا في هذا العمل كان إلى جانب الإطار المرجعي العام للأمة للمنهج والرؤية التي ينبغي أن تنطلق منها في نهضتها.
فنحن لا نؤسس لرؤانا وتصوراتنا على انتظار فشل الآخرين أو لعيوب في فلسفاتهم، بقدر ما نؤسس على تراكم خبرات وتجارب الأمة على اختلافها وتنوعها.
يأتي الاهتمام بهذا الموضوع في سياقات متعددة، لعل أبرزها: ما ارتبط بالدعوة إلى ضرورة تحرير مناهج التفكير في الوطن العربي، وتجاوز حالة الاغتراب واللاوعي التي يعانيها، ثم سياق بناء المعرفة؛ إذ لا معرفة بدون منهج، إذ المنهج حالة وعي دائمة في الأمة لإعادة التركيب الطبيعي فيها، وإحداث التوازن والانسجام بين الفكرة والواقع الاجتماعي والوعي التاريخي الذي شكل هذه الذات، وإعادة الثقة بالمنظومة الفكرية والثقافية لها، وامتلاك القدرة على تشغيل آلياتها في النهوض والتقدم، وتجاوز ثغرات الفكر العربي المعاصر ومشروعه النهضوي وآليات اشتغاله، وتناقضاته وثنائياته المفاهيمية.
إن قضية المنهج والمنهجية يتوجب أن تأخذ مكانة متقدمة في سلم الأولويات، فالمعركة اليوم في كثير من المجالات والمشاريع تكاد تنحصر في نظرنا حول قضية المنهج؛ لأنه هو التصور والفلسفة والرؤية (للماضي والحاضر والمستقبل). والوعي بهذه القضية يجعل الأمة قادرة على الدخول في تنافسية حقيقية مع المركزية الغربية، وإن حركة التاريخ «لا تؤتي ثمارها وفاعليتها إلا في إطار نسقها العقدي والفكري الخاص بحضارتها ومسارها في خضم الكيانات الحضارية، أما اعتماد مجموعة من المرتكزات والمفاهيم المنبثقة عن أنماط حضارية مغايرة فيحدث الخلل والتناقض (...)»
3
بين الأنساق الحضارية وعالم أفكارها الذي يفصل بينها، فإذا كان التقدم الحضاري يبدأ من خلال الأفكار فإن التحليل يبدأ أيضا من خلالها.
تحليل الآثار المدمرة للأفكار الوافدة وخيانة لأصالة الفكرة الإسلامية التي غيبت عن ساحة الفعل الحضاري المعاصر. كما تسعى الدراسة إلى تعرية الأسس والمنطلقات المرجعية، والمنهجية التي ظل ينطلق منها الفكر العربي المعاصر على اختلاف توجهاته، وكشف تهافت أطروحاته، والتأكيد على خصوصيات المجتمعات العربية، وحقها في تحقيق الاستقلال المنهجي في دراسة قضاياها وتجاوز الأدوات المنقولة إلى أدوات مأصولة وموصولة بالذات الأصيلة تاريخيا وحاضرا ومستقبلا. (1) موضوعات البحث
Неизвестная страница