في عمرة الحديبية حين صد المشركون رسول الله ﷺ وأصحابه، وذلك في ذي القعدة من سنة ست بلا خلاف. ومن هنا أخذ الشافعي ﵀ أن وجوب الحجِّ على التراخي. قال: إنه فُرِض سنة ست والنبي ﷺ لم يحج بعد فرض الحج إلا سنة عشر بإجماع المسلمين. وخالفة جمهور العلماء منهم الأئمة الثلاثة فقالوا: بل يجب فورًا ولم يفرض الحج إلَّا في عام تسع، واستدلوا بأن الحجَّ إنما فُرِض بقوله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالمِينَ (٩٧)﴾ [آل عمران: ٩٧]. وهو من صدر سورة آل عمران وهو نازل في وفد نجران وهم من القادمين عام الوفود. قالوا: ومما يوضح ذلك أن النبي ﷺ صالحهم على أداء الجزية. والجزية إنما نزلت في سورة براءة عام تسع.
فإن قيل: لم تزل حجة الشافعي قائمة في أن وجوب الحج على التراخي؛ لأنكم وافقتم على أنه فُرِض عام تسع وهو ﷺ لم يحج عام تسع بل أرسل أبا بكر ﵁ حاجًّا بالناس وأتبعه علي بن أبي طالب ﵁ ينادي في موسم الحج بسورة براءة. "وألا يحج بعد العام مشرك وألا يطوف بالبيت عريان".
فالجواب من قبل الجمهور أنهم يقولون: وجوبُ الحجِّ على الفور. وهو عام تسع مفروض إلا أن النبي ﷺ منعه من المبادرة إلى الحج عام تسع عُذر شرعي صحيح، وهو أنه في عام تسع لم يمكن منع المشركين من الحج ولا منع الطائفين عُراة فَكَرِه ﷺ مخالطتهم على ذلك الحال، ولذلك صرَّح الله بمنعهم بعد ذلك العام الذي هو عام