[9] فأما غلط البصر في مجرد الحس من أجل خروج الحجم عن عرض الاعتدال فكالمبصر الذي يكون فيه مسام ووشوم ونقط مختلفة الألوان ومخالفة للون جملة المبصر، ويكون كل واحد منها في غاية الصغر وبقدر ما لا يدركه البصر لصغره، ويكون اللون الذي يعم جميع المبصر لونا واحدا. فإن المبصر الذي بهذه الصفة يدرك البصر منه اللون الذي يعم جميعه، ولا يدرك المسام والوشوم التي تكون فيه ولا يدرك ألوانها إذا كانت في غاية الصغر وبقدر ما لا يصح أن يدركها البصر. فيدرك البصرالمبصرالذي بهذه الصفة ذا لون واحد، وهو اللون الذي يعم جميعه، والمبصر مع ذلك ذو ألوان مختلفة. فيكون البصر غالطا فيما يدركه من لون ذلك المبصر ويكون غلطه في مجرد الحس، ويكون علة غلطه هو خروج حجم كل واحد من الأجزاء المختلفة الألوان عن عرض الاعتدال، لأن تلك النقط وتلك المسام إذا كانت مقاديرها أعظم مما هي عليه فإن البصر يدركها ويدرك ألوانها ويتحقق جميع الألوان التي تكون في المبصر الذي تلك أجزاؤه إذا كانت المعاني الباقية التي في ذلك المبصر التي بها يتم إدراك المبصر على ما هو عليه في عرض الاعتدال. فعلى هذه الصفة وأمثالها يكون غلط البصر في مجرد الحس من أجل خروج الحجم عن عرض الاعتدال.
[10] فأما غلط البصر في مجرد الحس من أجل خروج كثافة المبصر عن عرض الاعتدال فكالمبصر الذي يكون في غاية الشفيف وليس فيه من الكثافة إلا قدر يسير كالبلور الصافي النقي وكالزجاج الأبيض النقى البياض الرقيق الحجم إذا كان وراء الجسم منها وملتصقا به جسم ذو ألوان مختلفة قوية، وكان البصر يدرك ذلك المبصر ويدرك الألوان التي تكون من ورائه، وكان مع ذلك لا يعلم أن الألوان التي يدركها هي ألوان من وراء ذلك الجسم، ولم تكن هناك أمارة يتنبه بها البصر على أن الألوان التي يدركها هي ألوان جسم آخر من وراء ذلك الجسم. فإن المبصر المشف النقي البياض الذي بهذه الصفة يدركه البصر متلونا بالألوان التي تظهر من ورائه، ولا يحس ببياضه ونقاء لونه ولا يعلم أنه ذو لون واحد. فإذا أدرك البصر المبصر المشف الأبيض ذا ألوان مختلفة فهو غالط في لونه، ويكون غلطه في مجرد الحس، وتكون علة هذا الغلط هو خروج كثافة المبصر المشف عن عرض الاعتدال. لأن المبصر إذا كانت كثافته قوية وكان شفيفه يسيرا فإن البصر يدركه ويدرك لونه، وإن كان وراءه جسم آخر متلون بألوان أقوى من لونه، ولا يخفى لونه مع الشفيف اليسير الذي يكون فيه، فلا يدركه البصرذا ألوان مختلفة إذا كانت المعاني الباقية التي في ذلك المبصر التي بها يتم إدراك المبصر على ما هو عليه في عرض الاعتدال. فعلى هذه الصفة وأمثالها يكون غلط البصر في مجرد الحس من أجل خروج كثافة المبصر عن عرض الاعتدال.
Страница 395