واستدل أيضًا بقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ ١ فلو كان قوله: ﴿كُنْ﴾ مخلوقًا لاحتاج إلى قول آخر، وذلك القول إلى آخر، فيتسلسل ولا يتحصل.
قال: وكان يقول: اعطوني آية من كتاب الله أو سنة عن رسول الله ﷺ حتى آخذ به. فقال له ابن أبي دؤاد - لعنه الله - ما تقول في قوله: ﴿إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيّا﴾ ٢؟ فقال أحمد: الجعل في القرآن على وجوه، هاهنا ليس معناه الخلق إنما معناه: أنزلناه بلسان العرب، قال الله تعالى: ﴿قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَج﴾ ٣ قال ابن عباس: "غير مخلوق".
وكلامه من علمه، وعلمه من صفته، وصفته غير مخلوق٤.
فلما مدوه ليُضرب انحل سراويله، فحرَّك شفتيه فارتفع السراويل من بعد انخفاضه، وانعقد من بعد انحلاله٥، وأخذ المعتصم الصفار
١ سورة النحل /٤٠.
٢ سورة الزخرف /٣.
٣ سورة الزمر /٢٨.
٤ خبر الإمام أحمد مع المعتصم، أورده أبو نعيم في الحلية ٩/١٩٧-٢٠٤، وابن الجوزي في المناقب ص٣٩٧، والذهبي في سير الأعلام ١١/٢٤٣.
٥ أبو نعيم في الحلية ٩/١٩٥،٢٠٦، والذهبي في سير الأعلام ١١/٢٥٥،٢٥٦ وقال الإمام الذهبي معلقًا: هذه حكاية منكرة، أخاف أن يكون داود- يقصد داود بن عرفة - وضعها. اهـ وذكر القصة بإسناد آخر وقال: وهذه الحكاية لا تصح، وقد ساق صاحب "الحلية" من الخرافات السمجة هنا ما يستحيا من ذكره. اهـ