ولذت١ بقبره، فرأيت مالك بن أنس ﵀ متزرا ببردة متشحا بأخرى، يقول: حدثني نافع عن ابن عمر عن صاحب هذا القبر - يضرب بيده قبر رسول الله ﷺ فلما رأيت ذلك هبته الهيبة العظيمة٢.
قال الشافعي: وقدمت على مالك وقد حفظت الموطأ فقال لي: احضر من يقرأ لك. فقلت: أنا قارئ، فقرأت الموطأ حفظا، فقال: إن يك أحد يفلح فهذا الغلام.
قال الربيع بن سليمان: سمعت الشافعي يقول في قوله ﷿: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوع﴾ الآية٣، فقال: معناه - والله أعلم - الخوف: خوف العدو، والجوع: جوع شهر رمضان، ونقص من الأموال: الزكوات، ومن الأنفس: الأمراض، والثمرات: قيل: موت الأولاد، وبشر الصابرين: على أدائها٤.
١ اللَّوْذُ بالشيء: الإستتار، والإحتصان به، والإلتجاء، والإحاطة، وجانب الجبل وما يطيف به، ومنعطف الوادي. (ر: القاموس المحيط ص ٤٣١، الصحاح ٢/٥٧٠) وبهذه المعاني فإنه يتضح المعنى الصحيح للجملة، في أن الإمام الشافعي - بعد أدائه في المسجد النبوي - فإنه انعطف وتوجه واستتر بقبر النبي ﷺ للسلام عليه، ويدل على هذا المعنى سياق الكلام بعده.
٢ رحلة الشافعي بقلمه، رواية تلميذه الربيع بن سليمان الجيزي ص٨، طبعة المطبعة السلفية سنة ١٣٥٠هـ القاهرة.
٣ سورة البقرة /١٥٥.
٤ أخرجه البيهقي في أحكام القرآن ١/٣٩.