من لدن نصف الليل، فإن الأرض تطوى بالليل، ما لا تطوى بالنهار، كما ورد في الخبر(1)، وينبغي له أن ينزل على الدابة ويروحها؛ لأن ذلك إدخال السرور على المسلم، ولا ينام على ظهرها، لما ورد في الحديث عن الرسول - عليه السلام - أنه قال:( لا تتخذوا ظهور دوابكم كراسي، فرب دابة أكثر لله ذكرا من صاحبها)(2)، وبلغنا عنه - عليه السلام - قال: "إن الله رفيق يحب الرفق ويرضاه، ويعين عليه ما لا يعين على العنف، فإذا ركبتم هذه الدواب، فانزلوها منازلها، فإذا كنتم في الخصب، فأعطوا البهائم حظها من المرعى، فإذا كانت الأرض جدبة، فانحوا عليها بنقيها، وعليكم بسير الليل، فإن الأرض تطوى بالليل ما لا تطوى بالنهار، وإياكم والتعريس(3) على الطريق ، فإنها مبات الدواب، وممر الجن، ومأوى الحيات" (4)، وبلغنا أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: "أخروا الأحمال عن الأعجاز، فإن الأيدي موسعة، والأرجل موثقة"، وبلغنا أن النبي - عليه السلام - نهى أن يترادف ثلاثة على دابة، وقال أحدهم(5):وهو المقدم (6)، ولا يضرب الدابة ولا غيرها على الوجه، لما روي عنه - عليه السلام - أنه قال لعلي: "لا تضرب وجه شيء مما خلق الله، ولا
__________
(1) انظر مثلا سنن أبي داود في (15) كتاب الجهاد، في (57) باب في الدلجة، ح رقم 2571من طريق أنس.
(2) رواه أحمد في مسنده 4/ 463، رقم 15202.
(3) التعريس: والمعرس الذي يسير نهاره ويعرس أي ينزل أول الليل، وقيل: التعريس النزول آخر الليل، ابن منظور(لسان العرب)، 9/132.
(4) رواه أبو داود من طريق أبي هريرة ، في (15) كتاب الجهاد، في (57) باب في سرعة السير والنهي عن التعريس في الطريق ح رقم 2569 ، رواه ابن خزيمة في المناسك، في 494، باب صفة السير في الخصب والجدب، 4/ 145، ح رقم 2550، ورواه عبد الرزاق في المصنف في باب ذكر الغيلان والسير بالليل، 5/ 163، ح رقم 9251.
(5) بياض في المخطوط.
(6) لم نقف على تخريجه.
Страница 65