170

وأما الشم فقد اختلفوا فيه ، فقال قوم : إنه لتكيف الهواء المتصل بالخيشوم بكيفية ذي الرائحة.

وقال آخرون : إنه يكون لانفصال أجزاء لطيفة من ذي الرائحة الى الخيشوم.

وهذان الوجهان عندي جائزان.

وهاهنا وجه بعيد قال به من لا مزيد تحصيل له (1)، وهو أن القوة الشامة تتعلق بمدركها وهو هناك.

وأما الذوق ، فانما يحصل بتوسط الرطوبة اللعابية الخالية عن الطعوم ، وهل الإدراك بانفعال تلك الرطوبة بكيفية الجسم أو بانفعال أجزاء من الجسم غائصة في اللسان مخالطة له؟ فيه احتمال.

وأما اللمس فانه أنفع الإدراكات للحيوان ، لأنه باعتباره يبعد من المنافي وباعتبار الذوق يجتلب النفع ، ولما كان دفع الضرر أقدم من جلب النفع كان اللمس أقدم.

وقد ظهر من هذا أن كل ذي قوة لمس فإن فيه قوة تحريك ، واختلفوا فذهب قوم الى أن اللمس ليس قوة واحدة بل هو قوى أربع :

الأولى : الحاكمة بين الحار والبارد.

والثانية : الحاكمة بين الرطب واليابس.

والثالثة : الحاكمة بين الصلب واللين.

والرابعة : الحاكمة بين الخشن والأملس.

وآخرون جعلوها واحدة ، وهو الأولى.

Страница 212