ثم سأل بعلزبول أتباعه قائلا: أصحيح ما تقولون إنه أصبح عندكم الآن أناس مضلون نهابون قطاع طريق قتلة وسفاكون للدماء كما كان يوجد أمثال هؤلاء من ذي قبل؟
فبدت على وجوه الشياطين سمات الارتياح والسرور، ولذلك أجابوا بصوت واحد: نعم، إن الحالة الآن كما كانت عليه من ذي قبل. وصاح واحد منهم بصوت عال: بل أكثر بكثير.
وصرخ ثان: إن منزلة المضلين الغشاشين الآن أرفع من منزلة المضلين السابقين، والحاليون أمهر في زيادة التضليل والتغرير بالناس ممن سبقهم من المضلين في العهد القديم.
وقال ثالث: إن سلابي العهد الجديد أشد شراسة وقساوة من سلابي العهد القديم.
وقال رابع: وقد كثر القتل واغتيال النفوس إلى حد أن صبغت الأرض فيه بالدماء.
فقال بعلزبول: لا تتكلموا جميعا دفعة واحدة، بل فليتكلم كل من أسأله. وليدن مني ذاك الذي يشتغل بالفساد، وليخبرني كيف يقود تلاميذ ذاك الذي منع طلاق المرأة إلى الفساد، وقال لتابعيه لا تنظروا إلى المرأة نظرا فاسدا، ويستميلهم إلى خيانة نسائهم.
فقال واحد: أنا هو ذلك الرجل. ودنا من بعلزبول زحفا على أليته، وكان شيطانا ذا منظر مضحك، ووجه مدهش، وفم لا ينقطع عن المضغ وإرسال اللعاب.
خرج هذا الشيطان من صفوف الشياطين، وزحف حتى قابل بعلزبول وجلس أمامه القرفصاء، ومد ذنبه من بين رجليه إلى الوراء، وجعل يكنس الأرض بمؤخره، وحنى رأسه إلى جهة اليمين، وقال بصوت رخيم ...
إني أسير على الطريقة القديمة التي كنت تستعملها أيها الرئيس الأعظم والإمام الأكبر والأب الأمجد، تلك الطريقة التي استعملتها في الفردوس وجعلت فيما بعد كل الجنس البشري في قبضتنا وتحت سلطتنا. وإننا نستعمل هذه الطريقة الآن هكذا: نحن نقنع الناس بأن الزواج لا ينحصر فيما يفهمونه منه وهو اتحاد الرجل بالمرأة، بل إنه لا يكون زواجا حقيقيا إلا إذا ارتدى العريسان أفخر الملابس، وتزينا بالحلي النفيسة، وسارا إلى بناء فخم مبني لهذه الغاية، حيث يقفان في مكان معين محاطين بمعارفهما وأقاربهما، وجميعهم يحملون الشموع المضاءة، ثم يلبس بعض الرؤساء العريسين إكليلين خاصين مصنوعين لهاته الغاية باحتفال عظيم بين الأنغام والأناشيد، ثم يدوران مع المحيطين بهما ثلاث دورات حول مائدة توضع أمامهما. وقد تمكنا من إقناع الناس بأن هذا هو الزواج الحقيقي، وبدون الاحتفالات المذكورة لا يدعى زواجا، وقد انخدع الناس بهذه الخدعة، وبالغوا في التفنن بتلك الاحتفالات وإنفاق الأموال في سبيلها؛ حتى إنهم ينفقون عليها كل مرتخص وغال، وكل واحد يسعى ليكون احتفاله أفخم وأعظم من احتفالات الآخرين.
وقد توغل الناس في هذا الاعتقاد إلى درجة أنهم أصبحوا يعدونه فريضة مقدسة وعقيدة دينية لا يتم ارتباط الزوجين بدونها، وزادوا على ذلك أنهم جعلوا ينظرون إلى الزواج نظرا فاسدا واتخذوه آلة للملذات والشهوات الجسدية، فضلوا بذلك سواء السبيل، وانتشر الفساد فيما بينهم ونخر سوسه جوهر عقائدهم الصحيحة، وحلت محلها هذه الخرافات والخزعبلات.
Неизвестная страница