قال خليل: لا أعلم إذا كنت حرا تأتي ما تشاء أو مقيدا بضرورة الأحوال.
قال غانم: من يا ترى يعارضني أو يخالفني عن أي فعل شئت؟
قال خليل: أنا أعارضك وأنا أمنع هذا الزواج.
قال غانم: أظنك يا رجل معتوها لا تعي شيئا من القول.
قال خليل: بل إني رجل عاقل أتحرى ما أقول جيدا.
قال غانم: كيف تستطيع منعي عن فعل ما أريد؟
قال خليل: بل يمنعك علمك بأن هذا الخطيب الذي اخترته لابنتك لا يليق لها، فهو شرير قبيح السيرة ذميم الأخلاق.
قال غانم: قولك هذا افتراء، ولا يصدقه أحد.
قال خليل: بل هي الحقيقة أرويها بلا كذب، وإن شئت أقمت الدليل عليها.
فجعل غانم يهز رأسه استهزاء. فاستأنف خليل الحديث فقال له: إن المحبة القديمة التي كانت بيننا قبل اختصامنا لم يزعزعها كرور الزمان، فقد قاطعتك مديدا حتى رأيتك الآن على شفا الهبوط في هذه المصائب، فهزتني الحمية إلى إغاثتك، ومد يد المساعدة إليك، فاعلم أن فؤادا على الأخلاق الذميمة التي وصفتها، وليس قولي افتراء، بل هو الصدق بعينه، وأنا أبسط لك تمهيدا من القول قبل الخوض في ذكر ما جئتك بصدده، فأقول: إني من يوم زواجي بشقيقتك المرحومة رغما عن إرادتك، وقعت في مصائب جسيمة، وحملت أغلاطا كثيرة يعلم الله أني ندمت عليها، ولا ينفع الندم شيئا، وتأسفت كل الأسف، فأي إنسان يحيا ولا يخطئ، أو أي رجل غير الله معصوم في هذا الكون الفاني! وقد اعترفت بخطيئتي، واستغفرت الله عن سوء معاملتي شقيقتك، فتراني أتأوه مترحما عليها كلما خطرت على بالي، أو تذكرت ما كابدته من العناء والشقاء بسببي، فإقراري بذنبي يمحوه، وكفاني عذابا وخز الضمير وأني شقي متعوس.
Неизвестная страница