ولكنه رأى امرأة مقنعة دخلت من الباب إلى الردهة، وبعد هنيهة دخل إليه خادمه برقعة زيارة هذه المرأة التي لم يكن مكتوبا عليها غير الحرف الأول من اسمها وهو أ.
فأمر بإدخال الزائرة إليه، وكان قناعها كثيفا فلم يتبين وجهها، ولكنه علم من خفوق قلبه أنها مس ألن.
وقد أصاب حديث قلبه؛ فقد أيقن أنها هي نفسها حين سألته بصوتها الرخيم قائلة: أتأذن لي يا سيدي المركيز بمقابلة وجيزة؟
فأخذ بيدها وهو يرتجف من الفرح وأجلسها على كرسي جانب المستوقد، فكشفت القناع عن وجهها وقال لها كأنه كان خائفا أن يكون حالما: أهذا أنت؟
وكان وجهها مصفرا وأثر الدموع لا يزال ظاهرا في عينيها، فأجابته قائلة: نعم أنا هي. فقد أتيت دون أن يراني أحد لألجأ إليك. - أأنت تلجئين إلي؟ - لا تتسرع يا سيدي المركيز قبل أن تسمع حديثي بالحكم علي. - أأنا أحكم عليك؟ إنك شديدة القسوة يا مس ألن.
فأطرقت برأسها ووضعت يدها على عينيها وقالت بصوت ضعيف كأنها تصلي: إني أتيت إليك يا سيدي المركيز متوسلة؛ فعاملني بالرحمة وأشفق على أتعس امرأة في الوجود. - أأنت تاعسة؟ أأنت تتوسلين؟ إني أخاف أن يكون الحزن دخل صوابي فلا أفهم ما تقولين.
فنظرت إليه بعينين تبرقان كالماس الأسود وقالت له بصوت يتهدج: إن السير روبرت يريد تزويجي. - بليونيل؟ - نعم. وقد وعده عمي بالزواج فجاء أمس يطالبه بتحقيق الوعد. - أواه. لقد علمت الآن السبب بقدومك إلي فإنك أتيت تتوسلين أن لا أبارزه وأنت خائفة على حياة من تحبين.
فرفعت عينيها إلى السماء وقالت: حياة من أحبه؟ - نعم حياة الذي سيكون زوجك. - ولكن إن هذا الزواج لا يطول؛ فإن الله سيشفق علي ويدعوني إليه. - رباه ماذا أسمع ألا تحبين ليونيل؟ - إني أحبه حب أخ، وهذا كل حبي.
فركع المركيز أمامها، وقد شعر أن السماء فتحت له أبواب النعيم وقال لها: أقسمي لي أنك لا تحاولين خديعتي. - أقسم. - إذن أنت لا تحبين ليونيل؟ - أكنت هنا لو كنت أحبه؟ - إذن. لقد أتيت تسأليني أن أسعى لنقض هذا الزواج. أليس كذلك؟ - لا فائدة من مسعاك، فقل لي أتثق بي؟ - كما أثق بأمي لو كان لي أم. - إذا كان ذلك، فإني أسألك أن تقسم لي يمينا كما سألتني. - ماذا تريدين أن أقسم؟ - أقسم لي أن تثق بإخلاصي ثقة لا حد لها، وأنك تفعل كل ما أطلبه إليك. - إن قلبي لك.
فمدت له يدها، وابتسمت ابتسامة فتنت عقله، ثم قالت: أما وقد وثقت الآن أنك تحبني فسأعرف كيف أدافع عن هنائنا ومستقبلنا.
Неизвестная страница