وقد نشقوا ناثائيل من المنبهات وعالجوا صدغيه بالخل حتى استفاق؛ فعاد الجلاد إلى ضربه فأغمي عليه مرة ثانية؛ فأمر المدير بمواصلة الضرب إذ لم يكن باقيا غير عشر جلدات.
فلما جلد آخر جلدة استفاق من إغمائه، وحلوا وثاقه فضم قبضتيه، وهدد بها الناس كأنهم هم الذين جلدوه؛ فهاج ثائرهم ونقموا عليه؛ لأنه لم يكن من عامة الشعب، بل كان معدودا من الأغنياء.
فلما أمره المدير أن يذهب إلى منزله ورأى ما كان من هياج الناس خاف منهم أكثر مما خاف من السياط، وخشي أن يجهزوا عليه على الطريقة الأميركية، فركع أمام المدير وقال له: أرجوك أن تأمر بإرجاعي إلى السجن.
قال: كلا. فإن ذلك غير ممكن.
وقد تركه الجلاد ونزل عن الدكة، وتجمهر الناس حوله كالذئاب ينتظرون الفريسة، وعند ذلك سمع صوت يقول: أفسحوا أفسحوا.
فصاح ناثائيل صيحة فرح؛ إذ رأى رجال قبيلته أقبلوا لنجدته وبينهم شمشون وجان.
فكان جان يحمل فأسا طويلا فكان يلوح به والناس يبتعدون عنه إلى أن حمل شمشون ناثائيل إلى مركبة كانت تنتظر، فوضعه فيها وصعد إليها مع جان، فسارت بهم، وقال جان لناثائيل: لا تجزع فسأنتقم لك.
وفي ذلك اليوم تنكرت مس ألن بزي صبيان البحارة، وذهبت إلى فندق القرن الذهبي، فجاءت بالهندية فأرشدتها إلى منزل جان، وقالت لها: هذا هو منزل سارق الكنز، وهو قوي شديد فلا تهاجميه مهاجمة؛ فإنك لا تقوين عليه، بل اكمني له كي تغتاليه اغتيالا.
قالت: ذلك من شأني، وإني لا أرجع عما قيدت به نفسي، فسأكون لك عبدة متى ظفرت بهذا الأثيم.
فانصرفت مس ألن وهي واثقة من فوز الهندية؛ فقد علمت أنها مجنونة وأن جنونها مقصور على الانتقام من ذلك الذي عبث بقلبها وسرق كنز إلهها. •••
Неизвестная страница