قال: هم في الطريق يا مولاي، ولكن أدرك مدينة «نينوى»، فإنها على وشك الحرب، ولا يبعد أن تقع «شاهزنان» سبية في يدي الأعداء.
قال: أوجز يا «روبير» كيف ذلك؟
فقص عليه الخبر بما فيه، ولما سمع «كورش» ذلك شعر كأن صاعقة من السماء نزلت فوق رأسه، وصاح صيحة ارتجت منها الأرض، وأمر القواد بالاستعداد والتأهب في أقل من القليل. ثم تجمعت العساكر تحت راية ملك فارس، وكان «أرباسيس» قد حضر بمن معه، ولما تكاملت الحملة خرجوا إلى خارج المدينة، وعسكروا هناك، وبعد ثلاثة أيام سار الجيش الفارسي تحت راية الملك «كورش» تحفه أعلام النصر والأبهة، وما زالوا سائرين والملك في أوائل تلك الجيوش يكاد أن يسبق الرياح، وهو يبكي وينتحب، وينشد الأشعار الغزلية والحماسية، و«روبير» يصبره، ويسليه إلى أن وصلوا إلى مدينة «نينوى».
ولما بلغوها، وجدوا أعلام العراقيين تخفق على أسوارها، ولم يجدوا من عسكر «بابل» سوى المناط بهم حفظ المدينة، وقد عسكر الملك حول الأسوار. وكان «روبير» قبل أن يقربوا على نينوى بنصف يوم أمره الملك أن يكشف لهم الأخبار، وما زال سائرا إلى أن بلغ تلك الربوع، وإذا بها خاوية على عروشها، فدخل المدينة فلم يمانعه أحد، ووجد أهلها في غاية الحزن والكدر، فقال لأحد حراس الأبواب: أرى آثار حرب، ومعالم طعن وضرب!
فقال: أين كنت يا هذا؟! فإن الحرب عما قريب ألقت أوزارها، وإن الملك «أفراسياب» فتح المدينة عنوة، وأسر الملك «أكيا كسار»، ووضع أحد قواده حاكما عليها يدير أمورها، وسافر بالأسراء والسبي إلى مدينة بابل.
ولما سمع ذلك منه خرج فوجد مولاه على مسافة قريبة من المدينة، فانتظر إلى أن عسكروا - كما تقدم - فدخل على الملك، وأخبره بكيفية الواقع.
ولما سمع «كورش» هذا الكلام أخذه القلق على «شاهزنان»، وقال لمن حوله: ما الرأي أيها الملأ؟ أفتوني في هذا الأمر؛ فإني عدمت الرشد والصبر، أأمضي إلى «بابل» أم أهجم على نينوى وأفتحها عنوة، وأخرج عساكر «أفراسياب» منها؟
قالوا: حيث أننا قربنا من مدينة نينوى يلزم فتحها قبل السفر إلى بابل.
قال: نعم، ولكني أخشى من أن يصيب «شاهزنان» مكروه.
قال «روبير»: فليس في المدينة من الحامية ما يحمل جولة جائل.
Неизвестная страница