وطفق يفكر في ملال: أوه! إذا لم يكن في الموضوع مليار كريستوف وتاج فرنسا، الذي لا يرغب فيه حقيقة، لتمت له سعادته مع ألين، ولكن هناك والدته، وكل هؤلاء الكهول الأوغاد، إنه لا يستطيع الحياة بينهم مطلقا، ولقد أحس لويس برغبة في أن يقع في أيدي رجال نابليون، حتى يبتعد عن طريق أمه وكريستوف وأولئك الأوغاد ويخلو له الجو بمعبودته ألين، ما أجملها! ويا لسحر عينيها، وفمها، وقبلتها! وبينما جلالته يحلم بألين غلبه النعاس فنام. •••
ووقفت ألين سان أماند خارج الغرفة، وقد أمسكت مقبض الباب بإحدى يديها، وأطبقت الأخرى على الخطاب الذي كتبته حسب ما أملاه لويس عليها، ونظرت إليه باضطراب وشك، والواقع أنها في تلك اللحظة لم تكن تعرف تماما ماذا تفعل، لم تكن واثقة من نفسها ولا مما ترغب فيه حقيقة، وقد طافت بذهنها خيالات شتى، فضاقت نفسها لحظة، فإذا بعينيها تمتلئان بالدموع، وبحركة سريعة مسحتهما بظهر يدها، ثم نزلت درجات السلم.
وكان الطريق في الطابق السفلي يؤدي إلى صالة الفندق الكبيرة، وعلى اليسار باب زجاجي كتب عليه بحروف مذهبة «مدخل القهوة»، ودفعت ألين هذا الباب ثم دخلت، وكان الخطاب لا يزال بيدها.
لم يكن بقهوة فندق الكولوني في ذلك الوقت غير بضعة رجال في ركن منها يلعبون الدومنة ويشربون، وفي الركن الآخر كان يجلس منفردا، وقد ارتدى ملابس سوداء واعتمد بمرفقيه على الطاولة أمامه، فاتجهت ألين إليه، وما إن رآها حتى قام من مكانه وسحب لها كرسيا، ودعاها للجلوس ففعلت ثم سألها: ماذا تطلبين؟ قهوة؟ إنها طيبة.
فأجابت: لا شيء، أشكرك.
وألقت بمرفقيها فوق الطاولة، وأسندت رأسها بيدها وأحست بغتة بتعب شديد، فأغلقت عينيها وقد بان الذبول على شفتيها الجميلتين، فقال الرجل: أرى أن تأخذي قدحا من «الفاين» فإنه ينفعك.
وهزت رأسها، ولكنه لم يعبأ بهذا، بل نادى الخادم وأمره بإحضار كأس من الفاين لها، وأحضر الخادم الشراب فصب منه شيئا في الكأس وهم ليأخذ الزجاجة، غير أن الرجل أمره بتركها أيضا.
والتقطت ألين الكأس بحركة آلية وشربته، واضطربت ملامح وجهها لحظة من أثر حموه، ثم وضعته فوق المنضدة.
فقال الرجل: إنها سوف تنفعك، أنت متعبة.
فقالت ألين بتراخ: إنني اشتغلت طول شهر أغسطس؛ فقد مر علي الآن وأنا أقوم بهذا العمل - دعني أرى - أسبوعان تقريبا، إنني لم أتعود الحياة في هذا الضجيج المزعج، وها أنا ذا لم يغمض لي جفن منذ أن وصلنا هنا.
Неизвестная страница