Маламатийи, суфии и ахль аль-футува
الملامتية والصوفية وأهل الفتوة
Жанры
فيما بلغ وشرع، وأشار إليه وصدع، ثم القدوة المتحققين من علماء المتصوفة ورواة الآثار وحكام الفقهاء.»
16
ومما عيب على أبي عبد الرحمن السلمي أيضا تواجده في السماع، وأنه كان يقوم فيه موافقة للفقراء. ولكن الدلائل تشهد بأنه لم يكن يفهم التواجد بالمعنى الذي ينقص من قدر الصوفي المتواجد، ولا يفهمه على أنه وليد السماع وحده، بل على أنه نشوة روحية تعرض للرجل عندما يتبين له معنى من المعاني التي أشكلت عليه، وأن السماع لا مدخل له في إيجاد حركة المتواجد، وإنما هي نشوة الظفر بالمطلوب، وكشف غوامض الأسرار. يؤيد ذلك حكايتان ذكرهما السبكي في ترجمته للسلمي:
الأولى أنه جرى يوما ذكر أبي عبد الرحمن السلمي بين أبي القاسم القشيري وأبي علي الدقاق، فقال القشيري: «كنت بين يدي أبي علي الدقاق، فجرى حديث أبي عبد الرحمن السلمي وأنه يقوم في السماع موافقة للفقراء، فقال أبو علي: مثله في حاله لعل السكون أولى به، امض إليه فستجده عاقدا في بيت كتبه، وعلى وجه الكتب مجلدة صغيرة مربعة فيها أشعار الحسين بن منصور، فهاتها ولا تقل له شيئا. قال : فدخلت عليه، فإذا هو في بيت كتبه والمجلدة بحيث ذكر أبو علي، فلما قعدت أخذ في الحديث وقال: «كان بعض الناس ينكر على واحد من العلماء حركته في السماع، فرئي ذلك الإنسان يوما خاليا في بيت وهو يدور كالمتواجد، فسئل عن حاله، فقال: كانت مسألة مشكلة علي فتبين لي معناها، فلم أتمالك من السرور حتى قمت أدور، فقل له مثل هذا يكون حالهم.» وهذه الحكاية فوق دلالتها على قوة الفراسة عند كل من أبي علي الدقاق والسلمي، توضح لنا ما يفهمه هذا الأخير من معنى التواجد، وأن حركة التواجد لا يحدثها السماع، وإنما تنكشف للصوفي أسرار ومعان تكون قد أشكلت عليه قبل السماع، فهي مظهر الاغتباط الروحي بما يظفر به الصوفي، لا دليل لذة حسية ناشئة من السماع.
والحكاية الثانية تدل على إنكار السلمي للسماع، وهي أنه خرج يوما من نيسابور إلى مرو ليزور الأستاذ أبا سهل الصعلوكي، وكان من عادته أن يعقد في غدوات أيام الجمعة مجلس ورد القرآن ليختم فيه، فلما حضر مجلس الصعلوكي وجده قد رفع مجلس القرآن وعقد لرجل مجلس القول، فأحس بمرارة في نفسه من ذلك، فلما سأله الصعلوكي: «إيش يقول الناس في؟» قال: «يقولون رفع مجلس القرآن ووضع مجلس القول.» فقال الصعلوكي: «من قال لأستاذه لم، لا يفلح أبدا.»
17
والمراد بمجلس القول هنا مجلس السماع، فالسلمي في هذه الناحية أقرب إلى مشرب السلف ومذهب الملامتية الذين ينكرون السماع، ويعتبرون التواجد فيه ضربا من ضروب الرياء.
تلاميذ السلمي
قصد كثير من العلماء أبا عبد الرحمن السلمي للصحبة والدرس والرواية عنه، لمكانته في التصوف وبعد صيته في هذا الميدان وفي ميدان الحديث وغيره من علوم الدين. وقد ذكر كل من الذهبي في طبقات الحفاظ وتذكرة الحفاظ، والسبكي في طبقات الشافعية، عددا غير قليل من العلماء الذين تتلمذوا له ونقلوا عنه، وكان له على مؤلفاتهم في التصوف وغيره فضل كبير. قال الذهبي:
18 «وحمل عنه (أي عن السلمي) القشيري والبيهقي، وأبو صالح المؤذن، ومحمد بن يحيى المزكي، وأبو عبد الله الثقفي، وعلي بن أحمد الأخرم المؤذن، ومحمد بن إسماعيل التفليسي، وخلق سواهم.» وقال في طبقات الحفاظ:
Неизвестная страница