Маламатийи, суфии и ахль аль-футува
الملامتية والصوفية وأهل الفتوة
Жанры
93
والأصل الذي يستندون إليه في ذلك هو أنهم يعتبرون الإخلاص سر الله في قلب العبد، ويستشهدون على ذلك بحديث يقول النبي
صلى الله عليه وسلم
فيه: «سألت رب العزة عن الإخلاص ما هو؟ قال: سر من سري استودعته قلب من أحببت من عبادي.» ففسروا الإخلاص بأنه كمال العبودية الذي لا يتم إلا إذا رأى العبد جميع ما يجري عليه وما يصدر عنه إنما هو من الله عز وجل. والسر هنا «هو ما أخفته الضمائر غيرة من أن يطلع عليه غير المنعم.»
94
وهو ليس إلا الأحوال التي ينكشف للملامتي (أو الصوفي) فيها معاني الحضرة الربوبية التي أسلفنا ذكرها، ومعاني القرب من الله. وفي هذا يقول أبو زكريا السنجي: «الأحوال أمانات عند أهلها، فإذا أظهروها فقد خرجوا من حد الأمناء.»
95
فالذي منع الملامتية من إظهار أحوالهم إذن أمران: الأول أن الأحوال أسرار خاصة بين الله والعبد، فهم بدافع الغيرة من جهة، وبدافع تأدية الأمانات إلى أهلها من جهة أخرى، يضنون بأحوالهم إلا على من يجب أن يطلع عليها وحده. وشأنهم في ذلك شأن المحب الذي يغار على محبوبه أن يطلع على حبهما ثالث. والأمر الثاني أنهم يرون أن في إظهار الأحوال نوعا من الدعوى، والدعوى رياء. بل الملامتي الكامل هو الذي وصفه أبو يزيد بأنه «من كتم حاله عن الناس تماما بحيث إنه يؤاكلهم ويشاربهم ويمازحهم ويبايعهم ويشاريهم، ولكن قلبه متعلق بملكوت القدس.»
96
وقد شرحنا الفرق بين إظهار الأحوال عند الصوفية وكتمانها عند الملامتية عند كلامنا عن الفرق بين الطائفتين فليرجع إليه هنالك.
Неизвестная страница