Игры любви во дворцах королей
مكايد الحب في قصور الملوك
Жанры
وعلى هذا الأسلوب ظلت تنظر إلى تنقص العالم لها بعين الاحتقار وعدم الاهتمام إلى آخر ساعة من حياتها. ولما منعتها حكومة أسوج من دخول بلادها ثنت عنان جوادها عنها ضاحكة هازئة ووجهته شطر بلاد أخرى. ودبرت مكيدة لفصل بومارنيا عن أسوج بالقوة المسلحة، والاستيلاء على عرش بولونيا. ولما قطع البابا عنها الراتب تهددته بغزو الفاتيكان وخلعه عن عرش البابوبة. وقضت الثلاثين سنة الأخيرة من حياتها منبوذة من العالم كله وفي فقر واحتياج لا مزيد عليهما، ومع ذلك بقيت مثلا مضروبا في الوقاحة والعناد والزيغ عن سبيل الهداية والرشاد.
وحين شعرت بدنو الأجل عزمت ألا تغادر المسرح الذي مثلت فيه فصول حياتها إلا على وجه يملأ العالم دهشة واستغرابا. فأعدت من تكفينها حلة من الحرير الأبيض الناصع مطرزة بالفضة والذهب، ومصنوعة على أبدع مثال من الإجادة، واستعدت للمنظر الأخير من مناظر حياتها التمثيلية، متوقعة نزول الستار بثبات قلب ورباطة جأش.
وقد حضرتها الوفاة في يوم من شهر أبريل سنة 1659. وإن كانت قد شعرت بشيء من الأسف على مغادرة هذه العالم؛ فذلك لأنها لم تستطع أن تشاهد الاحتفال بدفنها. فإن رومية عزمت أن تشيعها إلى رمسها باحتفال فائق في عظمته وجلاله؛ إذ ألبست حلتها الحريرية الموشاة بالفضة والذهب، ووضع تاج على رأسها وصولجان في يدها، وسير بها في موكب ملكي باهر تحفه المهابة والجلال إلى كنيسة القديسة دروثيا التي وشحت بالسواد وأنيرت بالشموع.
وفي المساء نقل النعش إلى كنيسة القديس بولس يتقدمه خمسمائة راهب بأيديهم الشموع الموقدة يتبعهم رجال العلوم والفنون، ووراء النعش الكرادلة ورؤساء الأساقفة وكبار رجال السياسة وأرباب الجاه والثروة. وهكذا شيعت خرستينا إلى مقرها الأخير، ودفنت تحت قبة كنيسة القديس بولس أعظم كنيسة في العالم.
وقد مضى الآن نحو ثلاثة قرون على استراحة جسدها في قبره ووقوف نفسها أمام خالقها العظيم. ولا يزال ذكر سيرتها موضوع حدث المؤرخين والناقدين. وقلما اجتمع في إنسان غيرها ما اجتمع فيها من المتناقضات والمتغايرات: مواهب سامية جليلة مقرونة بنقائص شائنة ومعايب فاضحة وخيبة مرة. ومهما يكن من ذكائها النادر وبراعتها الفائقة، فإنهما لا يذكران بجانب رذائلها التي شبت عن طوق الوصف وجاوزت حد الإحصاء، ومثلتها لعيون معاصريها وقراء تاريخها شيطانة في صورة امرأة.
قالت مرة: «ذرية الملوك أشبه بالنمر والأسد التي يدربها مروضوها على ألوف من الألعاب والحركات، فتنظر إليها وتظنها بالغة حد الطاعة والانقياد، ولكن ضربة من مخلب واحد منها على غير توقع وانتظار تريك أن ترويض حيوان كهذا محال.» وهي نفسها كانت حيوانا لا يروض؛ لأنها كانت من حثالة الذرية التي أشارت إليها.
ملكة بلا تاج
في صباح اليوم السابع والعشرين من شهر يوليو 1784 بشرت جريدة المورتن هرلد قراءها بطلوع كوكب جديد في سماء لندن يبهر العيون بضياء حسنه ويأسر القلوب ببهاء جماله. فما اطلع الناس على هذا النبأ السار المفاجئ حتى أخذتهم الحيرة والدهشة، وجعلوا يتساءلون قائلين: «من هذه الجميلة الحسناء التي بشرتنا بقدومها الأنباء؟» فمعظمهم لم يسمعوا بها ولا عرفوا عنها شيئا قبل ظهورها على حين غفلة في عاصمتهم. ولكن كان في بعض أنحاء إنكلترة البعيدة كثيرون من الذين هاموا من قبل بقسامتها البارعة وبهجتها المونقة الرائعة. كانت هذه الشمس الطالعة في فلك الهيئة الاجتماعية في لندن حفيدة السر جون سمث كبير أسرة عريقة في النسب في دورهام، ومنذ حداثتها أسرت القلوب بقساوتها. ولما صار هلال جمالها بدرا تاما أصبحت مضرب المثل في بهائها الغض النضير، وحسنها المنقطع النظير، وكان يزين تقاسيمها البديعة التكوين والتامة التناسق ما هي مفطورة عليه من رقة الجانب ولين العريكة وسلامة الذوق وحسن التناول.
وبديهي أن جوهرة كهذه يكثر طلابها ويشتد التنافس في اقتنائها. وما كان أعظم دهشة الناس عندما أعرضت عن جميع خطابها الذين كانوا من نخبة الشبان وزهرة الفتيان، ومدت يد الرضا والقبول إلى المستر إدورد ولد، وهو من ذوي الثروة ولكنه أكبر من أبيها سنا! وطالما جلست على ركبتيه في أثناء طفولتها، وبعد سنة من اقترانها به خلعت حلة زفافها إليه ولبست السواد حدادا عليه. وبعد ثلاث سنوات تزوجها المستر توماس فتزهربرت وهو من أسرة غنية مشهورة، ولم تقض معه بضع سنوات حتى فجعت به وهي ابنة خمس وعشرين سنة، وقد ورثت عنه عقارا يبلغ ريعه ألفي جنيه في السنة.
ولما أراها الاختبار سوء حظها في الزواج عقدت عزمها على السياحة في أوروبا، فقضت فيها سنتين ثم عادت إلى لندن بحسن أغض وأنضر وجمال أبهى وأبهر، لتسحر العقول وتأسر القلوب. وكان ذلك يوم ذكرت جريدة المورنن هرلد خبر وصولها إلى لندن كما تقدم في صدر هذا الفصل.
Неизвестная страница