Игры любви во дворцах королей
مكايد الحب في قصور الملوك
Жанры
ولما بلغ ذلك قرينة الخياط اشتعلت غيظا وحنقا على ماري، فأسرعت إليها وأوسعتها تقريعا وتعنيفا، وقالت لها: «ويحك أيتها الطائشة الحمقاء! أبلغ من قدرك أن تعللي نفسك بالحصول على شاب كهذا يفوقك جاها ورفعة شأن؟ ساء فألك!» ثم زادت على هذا أن أوعزت إلى زوجها بطردها من دكانه حرصا على كرامته.
فسقط في يد ماري ولم تجسر أن ترجع إلى بيتها على هذا الوجه، ولم تر بدا من أن تذهب إلى إدورد لتشكو إليه ما أصابها. وبعدما فرغت من شكواها طوقها بذراعيه ومسح دموعها بقبلات عطفه ومؤاساته، وقال لها: «خلي عنك الجزع والهلع، فلن يستطيع أحد أن ينالك بشر أو أذى ما دمت قريبا منك، ومستعدا لبذل روحي في سبيل الذود عنك. وستكونين مذ الآن زوجة لي من كل وجه، ما خلا الاسم، ولا يفرق بيننا سوى الموت.» وهي على الفور حلفت له يمين الأمانة والولاء، وبرت بقسمها إلى آخر دقيقة من حياتها. وعلى هذا الاتفاق تم الاتحاد والاقتران بين الخياطة الوضيعة الحقيرة وبين ابن أعظم رجل سياسي في إنكلترة. وحينئذ لم يدر قط في خلد ماري أن هذا الاتحاد سينمو ويثمر، ويكون من نتاجه فتاة تصير فيما بعد إحدى أميرات الأسرة المالكة، وأم ولد أمكنه أن يلبس تاج الإمبراطورية البريطانية. ولكن تلك الأيام كانت لا تزال بعيدة منها، فعاشت مع زوجها المحب الأمين قريرة العين طيبة النفس.
وقد رزقت منه خمسة أولاد: ثلاث بنات وصبيين، وهؤلاء الخمسة أخذوا الحسن والجمال تراثا عن والديهم. وأتيح للبنات الثلاث أن ينلن من الجاه ورفعة الشان ما لم تنله والدتهن. وتوفيت ماري بعد ولادة ولدها الخامس، وهي في غلواء صباها وشرخ شبابها غير مجاوزة الرابعة والعشرين، فحزن عليها زوجها حزنا ليس في استطاعة أبلغ كاتب أن يعبر عنه. وإذ كان ممتازا بالنبوغ وشدة الذكاء أخذ يرتقي في سلم المعالي، فنال أسمى الرتب والوسامات، وتقلد أرفع المناصب، وكان في استطاعته لو أراد أن يتزوج بأعظم الفتيات حسبا ونسبا، ولكنه أبى ذلك مفضلا أن يعيش حافظا لذكرى زوجته، وقاصرا اهتمامه على تربية أولاده.
وتدرجت الفتيات الثلاث، لورا وماري وشارلوت، من جمال الحداثة إلى بهاء الصبوة، فكن بدورا مشرقة في سماء الحسن والملاحة. قال عنهن أحد المؤرخين: «لم يتفق أن يوجد في إنكلترة ولا في غيرها ثلاث شقيقات مثلهن مستوفيات أقساطهن من الجمال والذكاء والظرف والأدب وسرعة الخاطر. فكن قبلة أنظار الطلاب والخطاب، ومنتهى آمال العشاق والروام من أرباب الغنى والجاه وأصحاب الصوالجة والتيجان. وكنت تراهن حيثما يذهبن محاطات ومتبوعات بجماهير من المعجبين بهن والمتعطشين إلى الفوز بنظرة من عيونهن الساحرة أو ابتسامة من شفاههن الشائقة الآسرة.
وكان عمهن هوارس ولبول شديد المباهاة والافتخار بجمالهن، وكثير الاهتمام بتدليلهن وترفيههن وتوجيه التفات أهل البلاط إليهن. مع هذا كله ورغم كونهن حفيدات رئيس الوزراء ظلت أبواب البلاط موصدة دونهن لحقارة مولدهن وضعة نسبهن من جهة الأم. ولكنهن لم يبالين هذا الحرمان، وفضلن إكرام الناس عامتهم وخاصتهم لهن على بهارج البلاط وزخارفه.
وكانت كبيرتهن لورا أول من تزوجت منهن، فخطبها أخو اللورد البيمرل وهو من كبار رجال الدين، لم يلبث أن ترقى إلى درجة مطران. وفي هذه كتب عمهن إلى أصدقائه فقال: نسيت أن أخبرك بأننا عما قليل عازمون على الاحتفال بزفاف ابنة أخي لورا إلى مطران ونسور أخي اللورد البيمرل. ونحن مسرورون جدا بهذا الأمر، والعروس تليق به من كل وجه، وإن كانت مع شدة جمالها دون شقيقتيها حسنا وبهاء. أما أختها ماري فهي الجمال مجسما، وجميع محاسنها كاملة، ولا عيب فيها سوى أن وجهها كثير الاستدارة، وأما صفاتها فكلها مما يرتمى بعين الاستحسان ويثنى عليه بكل شفة ولسان.»
وبعد بضع سنوات اقترنت الأخت الصغرى شارلوت بالكونت ديسارت. وهكذا رأينا كبرى بنات الخياطة قرينة لأخي لورد، وصغراهن محرزة لقب كونتس. ولكن هذا كله على عظمته وسمو شأنه لا يستحق الذكر بجانب ما خبأه القدر للثانية ماري الحسناء التي أتيح لها أن تقرن نسب أمها الوضيع بنسب الأسرة الملكية؛ أسرة هنوفر.
وبعدما رفضت قبول كثيرين من الأمراء وكبار الأعيان والشرفاء الذين طلبوا الاقتران بها، رضيت أخيرا من كان أكبرهم سنا وأقلهم حسنا وجمالا، وهو الأرل والدغرايف مستشار ولي عهد بريطانيا ومؤدبه. وكان في سنه كأبيها، ولكنها مع هذا فضلته على كل من تقدمه. وفي سنة 1759 خرجت ماري من الكنيسة وهي الكونتس والدغرايف عروس رجل من أكبر عظماء إنكلترة عقلا وشرفا وثروة.
وبعد زواجها بأربع سنين أصيب الكونت بالجدري إصابة لم تمهله بضعة أيام حتى قضى نحبه، فتجرعت عليه الكونتس غصص الحزن والاكتئاب، وقضت وقتا طويلا في حداد ونوح وانتحاب. ثم خرجت من عزلة الحداد وخلوة الحزن لتدهش العالم بجمالها الذي زاد بدره إشراقا وبهاء. وعاد الخطاب يزحمون بعضهم بعضا إليها، من غير أن يظفر أحد منهم بطائل؛ لأن نفسها الطموح إلى المعالي كانت تحدثها بالحصول على زوج يفوق جميع الذين تقدموا إليها. يروى عنها أنها فاجأت أباها ذات يوم وهي بعد ولد بقولها له: «تحدثني نفسي بأني سأصير يوما ما أميرة خطيرة.» - خلي عنك هذا الهذيان. إن ما ترجينه مستحيل؛ فأنت لست سوى فقيرة حقيرة، ويهمك أن تعلمي هذا وترعوي عن طيشك وغرورك. - سأصير أميرة فقيرة.
هذا ما قالته في حداثتها، وقد حققته الأيام. ولم يمض وقت طويل حتى أصبحت أجمل أرملة في إنكلترة موضوع هيام وليم هنري دوق غلوسستر العزيز الغالي على قلب أخيه الملك جورج الثالث. وكان الدوق في التاسعة عشرة عندما أسر فؤاده جمال أرملة لها ثلاثة أولاد. ومن أول نظرة أضرم حسنها في قلبه «نار جوى، أحر نار الجحيم أبردها»، فطارحها الوجد والغرام، وباح لها بصبابة عبثت به ولعبت وأكلت عليه وشربت، وسلبت من عقله ما سلبت. وعلى رغم ما أبدته الكونتس من المعارضة والممانعة بحجة الفرق العظيم الذي بينها وبينه في السن والمقام، ظل مصرا على طلب الاقتران بها قائلا لها: «إنك عندي أعز من نفسي وأغلى من حياتي. فإن لم تجيبي طلبي فلن أتزوج غيرك، وإني في سبيلك مستعد لأن أضحي بتاج الملك نفسه.»
Неизвестная страница