Игры любви во дворцах королей
مكايد الحب في قصور الملوك
Жанры
كريشة في مهب الريح طائرة
لا تستقر على حال من القلق
ففي أقل من ساعة كان يبدو لمجالسيه فرحا مسرورا وكئيبا مغموما، هاشا باشا وباسرا شديد التقطيب والعبوس، رقيق الحاشية لين العريكة، وفظا جلفا إلى الغاية. ومبالغا في الاحتفاء والترحيب بالزائرين، ومفرطا في ردهم على أعقابهم بما لا مزيد عليه من الجفاء والخشونة، يصدر الأمر ثم لا يلبث أن يعقبه بما يلغيه ويناقضه. وكان في إحدى المعارك يختبئ في قبو ويسد أذنيه حتى لا يسمع قصف المدافع، وفي غيرها يقف في الخنادق وقفة الأبطال الصناديد، ورصاص البندقيات يصفر عن يمينه ويساره. وبكلمة نقول عنه إنه كان مجموع متناقضات ومتغايرات.
ولما فاته التمتع بمحبة كاترين الحقيقية حول اهتمامه نحو غيرها من النساء الحسان، وهب يطلق لنفسه عنان التمتع بشهواته حتى في ساحات الكفاح. قال أحد المؤرخين: «كان الأمير بتيومكين يجلس على أريكة موشاة بالأطالس المطرزة بالحلى والجواهر، ومغشاة بالأزهار والرياحين، ومضمخة بغوالي الأطياب، وحوله الغواني بأفخر الحلل وأغلى الحلى، وأمامهن العطور في مباخر من ذهب. وكانت فريدة عقدهن الأميرة دولغورنكي زوجة أحد ضباطه.»
وكانت حفلات الولائم والمراقص تقام متواصلة متلاحقة بلا انقطاع، وهو لاه بها، يتملى لذاتها وينتهب مسراتها، والجيوش تخوض غمار القتال، وتكتوي بنار الطعان، وتضيف إلى رأسه أكاليل انتصارات جديدة مجيدة. قال شاهد عيان يصف انبعاثه في مخازيه وانصرافه لمداعبة محظياته وسراريه: «كان في ذلك الحين يأبى دخول أحد عليه، إلا إذا كان من متملقيه ومطرئيه. وكانت الغرف في قصر الكونتس غالفن مقسومة إلى قسمين؛ أحدهما للرجال، حيث مدت موائد القمار، والآخر للأمير، حيث يجلس على أريكته محاطا بالسيدات.»
وكانت أنباء هذه الفضائح تبلغ كاترين فلا تغضب لها، بل كثيرا ما كانت تنظر إليها بعين المسرة والارتياح. وكانت إذا رأته يعنى بشئون لذاتها وأمور عشقها وغرامها تقابل ذلك بالشكر والثناء. وقد يمل القارئ تلاوة تفاصيل هذه الحوادث الشاذة البالغة غاية الغرابة، ولكنها ليست بغريبة عن طبيعة هذين الشخصين النادرين، ولا عن تاريخ ما كان بينهما من العلاقات الشاذة التي ارتبطا بها مدة عشرين سنة، حتى بعد انقطاع صلات الحب بينهما.
ولما حول بتيومكين صلات العشق والغرام من كاترين إلى وصيفاتها بنات أخته - الواحدة بعد الأخرى - لم يبد على كاترين شيء من علامات النفور والامتناع. ولعل هذه الفعلة الشنعاء كانت أعظم ما في أعماله من موجبات الاستفظاع والاستنكار؛ فإن رسائله إلى بنات أخته - أولا إلى بارب ثم إلى شقيقاتها الأربع - مفرغة في أفحش القوالب التي يستخدمها أهل الخلاعة والدعارة للتعبير عن شوقهم وغرامهم. فقد كتب إلى بارب يقول: «إذا أحببتك حبا أبديا، ولم يكن لنفسي معين سواك، فهل تدركين معنى هذا؟ وهل أثق بقولك لي إنك تحبينني إلى الأبد؟ أحبك يا حياتي حبا لم أختص قط به أحدا قبلك. فقولي لي يا فارينكا (لعل فارينكا لقب بارب) يا حياتي وكل مناي، قولي لي إنك تحبينني، وهو كاف لأن يعيد إلي صحتي ومسرتي وسلامي وسعادتي. إنني ممتلئ بك يا روحي. بك وحدك يا ذات الحسن والجمال. الوداع الوداع. على البعد أعانقك عناقا لا حد له.» وحرارة هذا الشوق انعكست من كتب فارينكا إليه. فمن ذلك قولها له في إحدى رسائلها، وكان إذ ذلك مريضا: «إني في قلق وانزعاج لا مزيد عليهما، فأناشدك الله أن تكتب إلي بما يستطاع من السرعة لتطمئن نفسي ويسكن اضطراب قلبي عليك يا حياتي. أقبلك مرات لا عداد لها.»
وبعدما شفي من مرضه، سرى عن نفسه بالكتابة إليها عقب زيارته لها ورجوعه من عندها قائلا: «فارينكا، يا روحي ومصدر حياتي، لقد نمت ولم تذكري ما جرى، فقبلما فارقتك أضجعتك في سريرك مزودا لك بقبلات تفوق الإحصاء، ودثرتك بجلبابك، ورسمت علامة الصليب على محياك.»
وعندما كتب إليها هذه الرسائل كان في عبه رسالة شوق وغرام من إحدى عشيقاته، وهي من كبيرات نساء القصر جاها وشرفا تقول له: «كيف قضيت ليلتك يا عزيزي؟ لعلك كنت أنعم مني بالا! أما أنا فلم أذق طعم الرقاد ولم يغمض لي جفن. فأنت وحدك موضوع افتكاري، وشغلي في ليلي ونهاري. ولست أجهل شدة محبتك لي، وعنايتك بي. الوداع. حسبي هذا الآن؛ لأني منتظرة قدوم زوجي.»
ولما مل بنات أخته تعلق بمن تدعى براسكوفيا زاكرفسكا، فتصبته وتصباها، ولم يكن شغفها بهواه أقل من ولوعه بهواها. ومما كتبه إليها مرة: «أسرعي إلي، أسرعي يا نور عيني وحياة قلبي. أسرعي يا كنزي الفائق الثمن. بك أوجد وأحيا. وسأقضي حياتي كلها مبرهنا لك أني أحبك حبا يفوق الوصف، بل يشب عن طوق التصور. فمن صميم فؤادي أقبل يديك الجميلتين وقدميك الناعمتين. ولا يخطرن ببالك يا عزيزتي أني أهيم بك مدفوعا بجاذب حسنك وجمالك. لا، ليس هذا مبعث تهيامي، بل إني أرى في نفسك ملاكا مطبوعا على غرار ملاك نفسي. فكلانا واحد، وليس ممكنا أن يفارق أحدنا الآخر.»
Неизвестная страница