فصل
ومن المعلمين ثم من البلغاء المتأدبين: عبد الله بن المقفع، ويكنى أبا عمرو، وكان يتولى لآل الأهتم، وكان مقدما في بلاغة اللسان والقلم والترجمة، واختراع المعاني وابتداع السير. وكان جوادا فارسا جميلا، وكان إذا شاء أن يقول الشعر قاله، وكان يتعاطى الكلام. ولم يكن يحسن منه لا قليلا ولا كثيرا. وكان ضابطا لحكايات المقالات، ولا يعرف من أين غر المغتر ووثق الواثق. وإذا أردت أن تعتبر ذلك، إن كنت من خلص المتكلمين ومن النظارين، فاعتبر ذلك بأن تنظر في آخر رسالته الهاشمية، فإنك تجده جيد الحكاية لدعوى القوم، ردي المدخل في مواضع الطعن عليهم.
وقد يكون الرجل يحسن الصنف والصنفين من العلم، فيظن بنفسه عند ذلك أنه لا يحمل عقله على شيء إلا نفذ به فيه، كالذي اعترى الخليل بن أحمد بعد إحسانه في النحو والعروض، أن ادعى العلم بالكلام وبأوزان الأغاني، فخرج من الجهل إلى مقدار لا يبلغه أحد إلا بخذلان الله تعالى. فلا حرمنا الله تعالى عصمته، ولا ابتلانا بخذلانه.
فصل
وهذان الشاعران جاهليان، بعيدان من التوليد، وبنجوة من التكليف.
Страница 44