Собрание избранных посланий Джахиза

Убайд Аллах ибн Хасан d. 400 AH
196

Собрание избранных посланий Джахиза

رسائل الجاحظ

Исследователь

عبد السلام محمد هارون

Издатель

مكتبة الخانجي، القاهرة

Год публикации

1384 ه - 1964 م

قال: وإذا طالت الدلجة، واشتد السير، وبعد المنزل، وانتصف النهار، واشتد التعب ، وشغل الناس الكلال، وصمت المتسايرون فلم ينطقوا، وقطعهم ما هم فيه عن التشاغل بالحديث، وتفسخ كل شيء من شدة الحر، وجمد كل شيء من شدة البرد، وتمنى كل جليد القوى على طول السرى أن تطوى له الأرض، وكلما رأى خيالا أو علما استبشر به، وظن أنه قد بلغ المنزل، وإذا بلغه الفارس نزل وهو متفحج، كأنه صبي محقون، يئن أنين المريض، ويستريح إلى التثاؤب، ويتداوى مما به بالتمطي والتضجع. وترى التركي في تلك الحال، وقد سار ضعف ما ساروا، وقد أتعب منكبيه كثرة النزع، يرى بقرب المنزل عيرا أو ظبيا، أو عرض له ثعلب أو أرنب، كيف يركض ركض مبتدىء مستأنف، حتى كأن الذي سار ذلك السير، وتعب ذلك التعب غيره.

وإن بلغ الناس واديا فازدحموا على مسلكه أو على قنطرته، بطن برذونه فأقحمه ثم طلع من الجانب الآخر كأنه كوكب. وإن انتهوا إلى عقبة صعبة ترك السنن، وذهب في الجبل صعدا، ثم تدلى من موضع يعجز عنه الوعل، وأنت تحسبه مخاطرا بنفسه، للذي ترى من مطلعه. ولو كان في كل ذلك مخاطرا لما دامت له السلامة، مع تتابع ذلك منه.

Страница 208