٥ - وَأَنْبَأَنَا أَبُو الْفَتْحِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَاتِيلَ، أنبا الْإِمَامُ أَبُو الْخَطَّابِ مَحْفُوظُ بْنُ أَحْمَدَ الْكَلْوَذَانِيُّ، أنبا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْجَازِرَيُّ، أنبا أَبُو الْفَرَجِ الْمُعَافَى بْنُ زَكَرِيَّا الْجَرِيرِيُّ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْخُطَبِيُّ، نا مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ بْنِ مُوسَى، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنِ الْمُسَيِّبِ بْنِ شَرِيكٍ، عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَالَ:
يَا عُمَرَ الْخَيْرِ، جُزِيتَ الْجَنَّةَ،
إِنَّ بَنَاتِي عُرَاةً فَاكْسُهُنَّهْ
أَقْسِمْ بِاللَّهِ لَتَفْعَلَنَّهْ،
فَقَالَ عُمَرُ: «وَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ يَكُونُ مَاذَا؟» قَالَ:
إِذًا أَبَا حَفْصٍ لأَذَهْبَنَّهُ.
قَالَ: «فَإِذَا ذَهَبْتَ يَكُونُ مَاذَا؟» قَالَ:
يَكُونُ عَنْ حَالِي لَتَسْأَلَنَّهُ،
يَوْمَ تَكُونُ الأُعْطِيَاتُ ثَمَّهْ،
وَالْوَاقِفُ الْمَسْئُولُ بَيْنَهُنَّهْ،
إِمَّا إِلَى نَارٍ وَإِمَّا إِلَى جَنَّةْ.
فَبَكَى عُمَرُ ﵁ حَتَّى أَخْضَلَ لِحْيَتَهُ، ثُمَّ قَالَ: «يَا غُلامُ، أَعْطِهِ قَمِيصِي هَذَا لِذَلِكَ الْيَوْمِ لا لِشِعْرِهِ، أَمَا وَاللَّهِ مَا أَمْلِكُ غَيْرَهُ»
وَأَنْبَأَنَا السِّلَفِيُّ، أنبا ابْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، أنبا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَتِيقِيُّ، سَمِعْتُ عَبْدَ الْعَزِيزَ غُلامَ الزَّجَّاجِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا الْفَرَجِ الْهَنْدُبَائِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ﵁: رَأَيْتُ أَبِي ﵁ فِي النَّوْمِ، فَقُلْتُ: أَتَاكَ مُنْكَرٌ وَنَكِيرٌ، قَالَ: نَعَمْ، فَقُلْتُ: فَمَا فَعَلْتَ مَعَهُمَا؟ فَقَالَ قَالا لِي: مَنْ رَبُّكَ؟ فَقُلْتُ: أَمَا تَسْتَحِيَانِ مِنِّي تَقُولانِ لِي هَذَا، فَقَالا: يَا أَحْمَدُ اعْذُرْنَا فَإِنَّا بِهَذَا أُمِرْنَا، وَتَرَكَانِي وَمَضَيَا.
وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: كُنْتُ أَزُورُ قَبْرَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ﵁ فَتَرَكْتُهُ مُدَّةً، فَرَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ قَائِلا يَقُولُ: لِمَ تَرَكْتَ زِيَارَةَ قَبْرِ إِمَامِ السُّنَّةِ؟ وَأَنْبَأَنَا أَبُو طَالِبٍ الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خُضَيْرٍ، أنبا أَبُو غَالِبٍ شُجَاعُ بْنُ فَارِسٍ الذُّهْلِيُّ، أنبا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ الْحَنْبَلِيُّ الْمُقْرِئُ، وَأَبُو طَالِبٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْفَتْحِ بْنِ الْعُشَارِيِّ، قَالا: ثنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ دُوسْتَ الْعَلافُ، قَالَ: قُرِئَ عَلَى أَبِي عَلِيٍّ الْحُسَيْنِ بْنِ صَفْوَانٍ الْبَرْذَعِيِّ، وَأَنَا أَسْمَعُ، حَدَّثَكُمْ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الدُّنْيَا، ثنا مُحَمَّدٌ يَعْنِي ابْنَ الْحُسَيْنِ، ثنا حَكِيمُ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا مُطَرِّفُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، قَالَ: أَظُنُّهُ عَبْدَ النُّورِ السَّلِيطِيَّ، قَالَ: تَعَبَّدَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ فَكَانَ يُحْيِي اللَّيْلَ صَلاةً، فَقَالَتْ أُمُّهُ: يَا بُنَيَّ، لَوْ نِمْتَ مِنَ اللَّيْلِ شَيْئًا، فَقَالَ: مَا شِئْتِ يَا أُمَّهْ، إِنْ شِئْتِ نِمْتُ الْيَوْمَ وَلَمْ أَنَمْ غَدًا فِي الآخِرَةِ، وَإِنْ شِئْتِ لَمْ أَنَمِ الْيَوْمَ لَعَلِّي أُدْرِكُ الرَّاحَةَ غَدًا مَعَ الْمُسْتَرِيحِينَ مِنْ عُسْرِ الْحِسَابِ، قَالَتْ: يَا بُنَيَّ وَاللَّهِ مَا أَرَدْتُ لَكَ إِلا الرَّاحَةَ فَرَاحَةُ الآخِرَةِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ رَاحَةِ الدُّنْيَا، فَدُونَكَ يَا بُنَيَّ فَحَالِفِ السَّهَرَ أَيَّامَ الْحَيَاةِ لَعَلَّكَ تَنْجُو مِنْ عُسْرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَمَا أَرَاكَ نَاجِيًا.
فَصَرَخَ الْفَتَى صَرْخَةً فَسَقَطَ بَيْنَ يَدَيْهِ مَيِّتًا، فَاجْتَمَعَتْ عِنْدَهَا رِجَالاتُ بَنِي تَمِيمٍ يُعَزُّونَهَا، وَهِيَ تَقُولُ: وَابُنَيَّاهُ، قَتِيلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَابُنَيَّاهُ قَتِيلَ الآخِرَة، وَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهَا أَفْضَلُ مِنَ ابْنِهَا.
وَبِهِ ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثنا دَاوُدُ بْنُ الْمُحَبِّرِ، ثنا أَعْيَنُ الْخَيَّاطُ أَبُو حَفْصٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ دِينَارٍ، يَقُولُ: رَأَيْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مُسْلِمَ بْنَ يَسَارٍ فِي مَنَامِي بَعْدَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ السَّلامَ، فَقُلْتُ: مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَرُدَّ عَلَيَّ السَّلامَ؟ قَالَ: أَنَا مَيِّتٌ فَكَيْفَ أَرُدُّ السَّلامَ؟ قَالَ: قُلْتُ: فَمَاذَا لَقِيتَ يَوْمَ الْمَوْتِ؟ قَالَ: فَدَمَعَتْ عَيْنَا مَالِكٍ عِنْدَ ذَلِكَ، وَقَالَ: لَقِيتُ وَاللَّهِ أَهْوَالا وَزَلازِلَ عِظَامًا شِدَادًا.
قَالَ: قُلْتُ: فَمَا كَانَ بَعْدُ؟ قَالَ: وَمَا تَرَاهُ يَكُونُ مِنَ الْكَرِيمِ؟ قَبِلَ مِنَّا الْحَسَنَاتِ وَعَفَى لَنَا عَنِ السَّيِّئَاتِ، وَضَمِنَ لَنَا التَّبِعَاتِ.
قَالَ: ثُمَّ شَهِقَ مَالِكٌ شَهْقَةً خَرَّ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ قَالَ: فَلَبِثَ بَعْدَ ذَلِكَ أَيَّامًا مَرِيضًا مِنْ غَشْيَتِهِ، ثُمَّ مَاتَ فِي مَرَضِهِ، فَيَرَوْنَ أَنَّ قَلْبَهُ انْصَدَعَ، فَمَاتَ ﵀.
وَبِهِ ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا مُحَمَّدٌ، وَحَدَّثَنِي رَوْحُ بْنُ سَلَمَةَ الْوَرَّاقُ، حَدَّثَنِي مُسْلِمٌ الْعَبَّادَانِيُّ، قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا مَرَّةً صَالِحٌ الْمُرِّيُّ، وَعَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زَيْدٍ، وَعُتْبَةُ الْغُلامُ، وَسَلَمَةُ الأَسْوَارِيُّ، فَنَزَلُوا عَلَى السَّاحِلِ، قَالَ: فَهَيَّأْتُ لَهُمْ ذَاتَ لَيْلَةٍ طَعَامًا فَدَعَوْتُهُمْ إِلَيْه فَجَاءُوا، فَلَمَّا وَضَعْتُ الطَّعَامَ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، إِذَا قَائِلٌ يَقُولُ فِي بَعْضِ أُولَئِكَ الْمُطَّوِّعَةِ، وَهُوَ عَلَى السَّاحِلِ مَارًّا رَافِعًا صَوْتَهُ، يَقُولُ: وَتُلْهِيكَ عَنْ دَارِ الْخُلُودِ مَطَاعِمُ وَلَذَّةُ نَفْسٍ غِبُّهَا غَيْرُ نَافِعٍ فَقَالَ: فَصَاحَ عُتْبَةُ صَيْحَةً، وَسَقَطَ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ وَبَكَى الْقَوْمُ فَرَفَعْنَا الطَّعَامَ، وَمَا ذَاقُوا مِنْهُ وَاللَّهِ لُقْمَةً.
وَأَنْبَأَنَا الْحَافِظُ السِّلَفِيُّ، أنبا أَبُو الْحُسَيْنِ الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، أنبا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ الْعَتِيقِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُطَّلِبِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ الْفَضْلَ بْنَ أَحْمَدَ الزُّبَيْدِيُّ الْمُقْرِئُ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ، يَقُولُ وَقَدْ أَقْبَلَ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ بِأَيْدِيهِمُ الْمَحَابِرُ فَأَوْمَأَ إِلَيْهَا، وَقَالَ: هَذِهِ سُرُوجُ الْإِسْلَامِ.
يَعْنِي الْمَحَابِرَ.
وَبِهِ قَالَ: ثنا الْعَتِيقِيُّ، قَالَ: قَالَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ شَاذَانَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا عِيسَى عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ زَاذَانَ الرَّزَّازَ، قَالَ: كُنْتُ فِي جَامِعِ الْمَدِينَةِ، وَقَدْ صَلَّيْنَا الْعَصْرَ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ حَاضِرٌ فَسَمِعْتُهُ، يَقُولُ: اللَّهُمَّ مَنْ كَانَ عَلَى هَوًى أَوْ عَلَى رَأْيٍ وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ عَلَى حَقٍّ، وَلَيْسَ هُوَ عَلَى الْحَقِّ فَرُدَّهُ إِلَى الْحَقِّ حَتَّى لا يَضِلَّ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ أَحَدٌ، اللَّهُمَّ لا تَشْغَلْ قُلُوبَنَا بِمَا تَكَفَّلْتَ لَنَا بِهِ، وَلا تَجْعَلْنَا فِي رِزْقِنَا خَوْلا لِغَيْرِكَ، وَلا تَمْنَعْنَا خَيْرَ مَا عِنْدَكَ بِشَرِّ مَا عِنْدَنَا، وَلا تُرِنَا حَيْثُ نَهَيْتَنَا، وَلا تَفْقِدْنَا مِنْ حَيْثُ أَمَرْتَنَا، أَعِزَّنَا وَلا تُذِلَّنَا، أَعِزَّنَا بِالطَّاعَةِ وَلا تُذِلَّنَا بِالْمَعَاصِي.
1 / 6