Собрание фетв

Ибн Таймия d. 728 AH
9

Собрание фетв

مجموع الفتاوى

Издатель

مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف-المدينة المنورة

Место издания

السعودية

وَقَدْ جَاءَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ مِنْ عِدَّةِ أَوْجُهٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ وَأَبِي ثَعْلَبَةَ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ قَالَ: ﴿لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ يَأْتِيهِ الْأَمْرُ مِنْ أَمْرِي مِمَّا أَمَرْت بِهِ أَوْ نَهَيْت عَنْهُ فَيَقُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ الْقُرْآنُ فَمَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَلَالٍ اسْتَحْلَلْنَاهُ وَمَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَرَامٍ حَرَّمْنَاهُ أَلَا وَإِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ. وفي رِوَايَةٍ أَلَا وَإِنَّهُ مِثْلُ الْكِتَابِ﴾ . وَلَمَّا كَانَ الْقُرْآنُ مُتَمَيِّزًا بِنَفْسِهِ - لِمَا خَصَّهُ اللَّهُ بِهِ مِنْ الْإِعْجَازِ الَّذِي بَايَنَ بِهِ كَلَامَ النَّاسِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا﴾ وَكَانَ مَنْقُولًا بِالتَّوَاتُرِ - لَمْ يَطْمَعْ أَحَدٌ فِي تَغْيِيرِ شَيْءٍ مِنْ أَلْفَاظِهِ وَحُرُوفِهِ؛ وَلَكِنْ طَمِعَ الشَّيْطَانُ أَنْ يُدْخِلَ التَّحْرِيفَ وَالتَّبْدِيلَ فِي مَعَانِيهِ بِالتَّغْيِيرِ وَالتَّأْوِيلِ، وَطَمِعَ أَنْ يُدْخِلَ فِي الْأَحَادِيثِ مِنْ النَّقْصِ وَالِازْدِيَادِ مَا يُضِلُّ بِهِ بَعْضَ الْعِبَادِ. فَأَقَامَ اللَّهُ تَعَالَى الْجَهَابِذَةَ النُّقَّادَ أَهْلَ الْهُدَى وَالسَّدَادِ، فَدَحَرُوا حِزْبَ الشَّيْطَانِ، وَفَرَّقُوا بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبُهْتَانِ وَانْتُدِبُوا لِحِفْظِ السُّنَّةِ وَمَعَانِي الْقُرْآنِ مِنْ الزِّيَادَةِ فِي ذَلِكَ وَالنُّقْصَانِ. وَقَامَ كُلٌّ مِنْ عُلَمَاءِ الدِّينِ بِمَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْهِ وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ - مَقَامَ أَهْلِ الْفِقْهِ الَّذِينَ فَقِهُوا مَعَانِيَ الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ - بِدَفْعِ مَا وَقَعَ فِي ذَلِكَ مِنْ الْخَطَأِ فِي الْقَدِيمِ وَالْحَدِيثِ، وَكَانَ مِنْ ذَلِكَ الظَّاهِرُ الْجَلِيُّ: الَّذِي لَا يَسُوغُ عَنْهُ الْعُدُولُ؛ وَمِنْهُ الْخَفِيُّ: الَّذِي يَسُوغُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ لِلْعُلَمَاءِ الْعُدُولِ. وَقَامَ عُلَمَاءُ النَّقْلِ وَالنُّقَّادُ بِعِلْمِ الرِّوَايَةِ وَالْإِسْنَادِ، فَسَافَرُوا فِي ذَلِكَ إلَى الْبِلَادِ، وَهَجَرُوا فِيهِ لَذِيذَ الرُّقَادِ، وَفَارَقُوا الْأَمْوَالَ وَالْأَوْلَادَ، وَأَنْفَقُوا فِيهِ الطَّارِفَ وَالتِّلَادَ، وَصَبَرُوا فِيهِ عَلَى النَّوَائِبِ، وَقَنَعُوا مِنْ الدُّنْيَا بِزَادِ الرَّاكِبِ،

1 / 7