Собрание фетв
مجموع الفتاوى
Издатель
مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف-المدينة المنورة
Место издания
السعودية
فَالشَّفِيعُ الَّذِي أَذِنَ اللَّهُ لَهُ فِي الشَّفَاعَةِ: شَفَاعَتُهُ فِي الدُّعَاءِ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ عُدْوَانٌ. وَلَوْ سَأَلَ أَحَدُهُمْ دُعَاءً لَا يَصْلُحُ لَهُ لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ؛ فَإِنَّهُمْ مَعْصُومُونَ أَنْ يُقِرُّوا عَلَى ذَلِكَ. كَمَا قَالَ نُوحٌ: ﴿إنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ﴾ قَالَ تَعَالَى: ﴿يَا نُوحُ إنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾ ﴿قَالَ رَبِّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ . وَكُلُّ دَاعٍ شَافِعٍ دَعَا اللَّهَ ﷾ وَشُفِّعَ: فَلَا يَكُونُ دُعَاؤُهُ وَشَفَاعَتُهُ إلَّا بِقَضَاءِ اللَّهِ وَقَدَرِهِ وَمَشِيئَتِهِ وَهُوَ الَّذِي يُجِيبُ الدُّعَاءَ وَيَقْبَلُ الشَّفَاعَةَ فَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّبَبَ وَالْمُسَبِّبَ، وَالدُّعَاءُ مِنْ جُمْلَةِ الْأَسْبَابِ الَّتِي قَدَّرَهَا اللَّهُ ﷾. وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ: فَالِالْتِفَاتُ إلَى الْأَسْبَابِ شِرْكٌ فِي التَّوْحِيدِ وَمَحْوُ الْأَسْبَابِ أَنْ تَكُونَ أَسْبَابًا نَقْصٌ فِي الْعَقْلِ وَالْإِعْرَاضُ عَنْ الْأَسْبَابِ بِالْكُلِّيَّةِ قَدْحٌ فِي الشَّرْعِ؛ بَلْ الْعَبْدُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ تَوَكُّلُهُ وَدُعَاؤُهُ وَسُؤَالُهُ وَرَغْبَتُهُ إلَى اللَّهِ ﷾ وَاَللَّهُ يُقَدِّرُ لَهُ مِنْ الْأَسْبَابِ - مِنْ دُعَاءِ الْخَلْقِ وَغَيْرِهِمْ - مَا شَاءَ. وَالدُّعَاءُ مَشْرُوعٌ أَنْ يَدْعُوَ الْأَعْلَى لِلْأَدْنَى وَالْأَدْنَى لِلْأَعْلَى: فَطَلَبُ الشَّفَاعَةِ وَالدُّعَاءِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ كَمَا كَانَ الْمُسْلِمُونَ يَسْتَشْفِعُونَ بِالنَّبِيِّ ﷺ فِي الِاسْتِسْقَاءِ وَيَطْلُبُونَ مِنْهُ الدُّعَاءَ؛ بَلْ وَكَذَلِكَ بَعْدَهُ اسْتَسْقَى عُمَرُ وَالْمُسْلِمُونَ بِالْعَبَّاسِ عَمِّهِ وَالنَّاسُ يَطْلُبُونَ الشَّفَاعَةَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ
1 / 131