Маджмук
مجموع كتب ورسائل الإمام الحسين بن القاسم العياني
Жанры
وقد زعم قوم أن التوكل على الله في جميع الأسباب واجب، وجهلوا حقيقة التوكل، وإنما حقيقة التوكيل على الله اليقين بالله، والرضى بجميع ما قدر وقضى، ولو كان التوكل هو: أن يغلق المتوكل عليه بابه، ويهلك نفسه، لكان من لم يفعل ذلك غير مؤمن بخالقه، ولو جاز له أن يفعل ذلك، لجاز له أن يحج إلى بيت الله الحرام بغير زاد، وأن لا يستعد لأعداء الله في الجهاد، ولا يطلب العلم الذي ينجو به من عذاب الله في يوم المعاد، وإذا صار إلى ذلك فقد ألقى بنفسه إلى التهلكة، وخرج من الحقيقة إلى البدعة، وهذا جهل ممن ظنه وتوهمه، فضلا عمن عمل به واعتقده، لأن الدنيا دار المحنة والحاجة، وليست بدار الآخرة والنعمة، والله يقول عز من قائل: { فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون }[الجمعة:10]. وهذا كثير في القرآن، بين غاية البيان.
- - -
كتاب الرؤيا
كتاب الرؤيا
إن سأل سائل فقال: هل الله في الأماكن بذاته، أم هو في الأشياء بعلمه وإحاطته... إلى قوله في الجواب: وإنما معنى قولنا: إنه في الأشياء، نريد بذلك أنه مدبر في الأرض والسماء، وفيما بينهما من الأحوال، لم ينقطع من الأماكن تدبيره، ولم يعدم فعله وتقديره، وإدراكه للأشياء فهو: علمه بها، وعلمه فهو: قدرته عليها. فأما من زعم أنه عالم قادر، ولم يقل أن العلم والقدرة هما الذات، وكذلك ما وافقهما من الصفات، فقد جهل حقيقة العلم لتناقض قوله، ونفي إدراكه للمعلومات بجهله، وبلغ الغاية في مكابرة عقله، لأنه قد أقر لله بإدراك معلوماته، إذ الدرك من أكرم صفاته، والدرك حق عند جميع ذوي الألباب، وليس شيء غير الله رب الأرباب، لأن الدرك يخرج على وجهين:
فدرك من صفات المخلوقين.
ودرك هو من صفات رب العالمين.
Страница 250