Маджмук
مجموع كتب ورسائل الإمام الحسين بن القاسم العياني
Жанры
وإن كنت عنيت ذاته، فمحال أن يكون محادا للعالم فيكون مجزأ مبعضا، لأنه إذا كان فوق العالم فالذي يحاد العالم منه أسفل، وإذا كان تحت العالم فالذي يحاد العالم منه أعلا، وإذا كان محيطا فالعالم منه في كل أو بعض، والكل والبعض من أوصاف المخلوقين، وكذلك إذا كان في العالم كان العالم له محلا، ومسكنا وملجأ ومعقلا، وكان مكانه أكثر منه وكان محدودا، والمحدود لا بد له من محدد، لأنه إذا حاط به المكان فله غاية ومنقطع، وما كان له منقطع فله قاطع، لأن المقطوع مفروغ منه، والفراغ من فعل المحدد القاطع للحدود المناهي لها، وهو(1) الله محدد الأجسام وقاطعهان ومفتطرها وصانعها، ومفرقها وجامعها، وهذه صفات المخلوقين الموهومين (2)، ذوي الأماكن المدبرين، وربنا بخلاف خلقه، لأنه لا يقع عليه الفكر ولا يخطر على بال، لأنه ليس في مكان ولا بينه وبين خلقه مكان، لأن المكان لو كان بينه وبينهم لم يخل ذلك المكان من أن يقربه فيكون قريبا منهم، أو بعيدا فيبعده عنهم، ولو كان قريبا بذاته منهم لكان مقربا لا بد له من مقرب قربه!! ولو كان بعيدا بذاته عنهم لكان مبعدا لا بد له من مبعد أبعده (3).
ودليل آخر
أنه لو كان بينه وبين خلقه مسافة لم تخل تلك المسافة من أن تكون قاربت كله أو بعضه، وللكل والبعض نهاية وغاية، والله سبحانه ليس بذي كل ولا بعض، ولا طول ولا عرض، ولا فوق ولا تحت، ولا يمين ولا شمال، ولا خلف ولا أمام، ولا لون ولا طعم ولا رائحة لا محسة، ولا افتراق ولا اجتماع، ولا حركة ولا سكون، لأن هذه الصفات لا تكون إلا في الأجسام التي ذكرنا، والله خالقها وجاعلها.
- - -
Страница 186