361

وماكانوا يعتذرون عن التقدم عليه إلا بأعذار منها صغر سنه كما صرح بذلك عمر وأبو عبيدة. ومنها: نفور الكثير ممن قد وترهم بسيفه الذي قام به عمود الإسلام ونحو ذلك، ولقد كان جماعة من الصحابة السابقين يفضلون أمير المؤمنين عليه السلام علانية على جميع الأمة منهم: عمار بن ياسر، وسلمان، وأبو ذر، والمقداد، وخزيمة بن ثابت ذو الشهادتين، وكالعباس عم رسول الله، وولده عبدالله حبر الأمة، وسائر بني هاشم، وغيرهم كثير.

وقد أقر بذلك علماء الحديث ورووه عن جماعة من الصحابة كابن عبدالبر في الاستيعاب وصاحب التهذيب وغيرهما، وإن العجب كل العجب صدور مثل هذا عن أكابرهم وأقربهم إلى الإنصاف وذوي قوة الباع وسعة الإطلاع كابن حجر، هذا فكيف بأرباب الجهالة والعناد الواضح من الأتباع؟ فاعتبر واستعبر، إنا لله وإنا إليه راجعون. وانظر هذا التمحل العظيم، والتوجيه الذي هو غير مستقيم، وبحق إن هذا لشبيه بمقالة بعض الجهلة: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على مذهب الشافعي أو كما قيل، وليت شعري ماهو هذا الميزان الذي قد وزنوا به الآيات والأخبار وحرروها حتى لاتزيد ولاتنقص مثقال ذرة، فلله دره من ميزان، ماهذا الإحكام والإتقان وليتهم أبدوه وأوضحوه لتوزن به الآيات والأخبار، ولعمر الله تعالى ليس ذلك إلا ميزان الهوى والتعصب للمذهب، ونقول: تالله قسما صادقا يشهد له البرهان أن خبرا واحدا، إما خبر الموالاة أو خبر المنزلة دع ماسواها لم يرد في حق أحد الصحابة مايوازنه أو يقاربه فضلا عن أن يساويه ولكن الهوى يعمي ويصم.

لهوى النفوس سريرة لاتعلم ...كم حار فيها عالم متكلم

والحمدلله العلي الكبير وإليه ترجع الأمور.

Страница 346