هذه البلاد، وقد خلت وفضتي من الزاد، فتوصلت إلى القاضي بسبب لعلمي أنه أطغى من فرعون ذوي الأوتاد، وأبخل من كلاب بني زياد. ورصدت له حتى طلب دينار القضاء، فكان عليه أشأم من رغيف الحولاء. فقلت له: لله درك ما أطول باعك، وأهول قاعك! قال: من ليس يؤخذ بالبنان، فخذه بالسنان. ثم انساب بي إلى منزله كالحباب، وإذا غلامه الذي كان يخاصمه بالباب. فأشار إليه وأنشد:
هذا غلامي الذي خاصمته ... إني لمثل ذلك استخدمته
حتى إذا الصيد أتى قاسمته ... بما كسوته وما أطعمته
وإن تمادى الدهر بي علمته ... ما قد أذعته وما كتمته
وهو مقام ولدي أقمته ... فإن ذخرت عنه أو حرمته
عاقبني الله فقد ظلمته
قال: فعجبت من أفانينه في المكر، وأساليبه في النظم والنثر. وعدلت إذ ذاك عن الرحيل إلى المقام، حتى أراد الشخوص إلى الشام، فانطلق
1 / 45