============================================================
147 المطلب الثاني/ التأويل عند علماء السلف والخلف وأجله فقال: بيدى}، ولو كان القدرة لما كانت له مزية(1). فإن قالوا القدرة لا تثنى، وقد قال (بيدى}(2)، قلنا: بلى، قالت العرب: ليس لي بهذا الأمريدان، أي ليس لي به قدرة. وقال عروة بن حزام في شعره: فقالا شفاك الله والله ما لنا بما ضمنت منك الضلوع يدان وقولهم: ميزه بذلك عن الحيوان، نفاه قوله : أنا خلقنا لهم يما عملت أيدينا أنعكما) [يس/71]، ولم يدل هذا على تمييز الأنعام على بقية الحيوان (2). قال الله تعالى: وآلسماء بنينتها بأييدوإنا لموسعون} [الذاريات/47]؛ أي بقوة(4). ثم قد أخبر أنه نفخ فيه من روحه(5)، ولم يرد إلا الوضع بالفعل والتكوين، والمعنى: نفخت آنا. ويكفي شرف الإضافة، إذ لا يليق (1) ويكفي في بيان بطلان هذا الكلام الذي نسبه الإمام ابن الجوزي لبعض البله، مخالفته صريح قول الله تعالى: أولتريروا أنا خلقنا لهم مما عملت ايدينا أنمكما فهم لها متلكون} [يس /71]؛ فالأنعام من خيل وابل وحمير وبقر وبغال وغيرها مخلوقة بيد الله تعالى- أي بقدرة الله تعالى- أيضا بنص هذه الآية، فأين التشريف لآدم كما تظن المجسمة بأنه خلقه بيده الحقيقية من هذه الآية؟!!
(2) لا يلزم أن يكون المعنى له قدرتين، لأن لفظة (اليدين) قد تطلق ويراد بها الذات، ومنه قول الله تعالى: تبت يدا أى لهي وتب} [المسد/1] والمراد بذلك ذات أبي لهب بلا أدنى شك.
(3) أي إذا قلتم: "إن سيدنا آدم قد خضه الله تعالى بأنه حلقه بيده الحقيقية التي هي صفته كما قال الله تعالى لابليس: ما منعك أن تجد لما خلقت بيدق }". قلنا: هذا وهم وتقول على الله تعالى ما لم يقل، إذ إن المراد من الآية: ما منعك أن تسجد لما خلقت أنا ولم يخلقه غيري وأنا ربك وربه، بدليل أن الأنعام من خيل وابل وحمير وبقر وبغال وغيرها مخلوقة بيد الله تعالى أيضا - أي بقدرة الله - كما في قوله تعالى: أولزيروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا انعكما فهم لها متلكون}.
(4) كما أولها الصحابي الجليل ابن عباس، ولفظة (أيد) هي جمع (يد) وهي الكف، كما في "القاموس المحيط"(1347/1) للفيروزآبادي، ومنه قول الله تعالى: { ألهم أرجل يمشون بها أمللم أيديبطشون با}.
(5) في قول الله تعالى: ثرسوده ونفخ فه من ڑوحو } [السجدة/9]، ومعنى: ل من ژوجر* أي من الروح التي خلقها وأضافها إليه ليشرفها، كما أضاف الكمبة إليه ليشرفها فقال لسيدنا إبراهيم: ( وطهر بيتى للطا يفيب والقابمين والركم الشجود } [الحج/26].
Страница 147