وقال أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني: حدثنا أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب، حدثنا محمد بن صالح بن الوليد، حدثنا أبو حفص عمرو بن علي قال: كنا عند سفيان بن عيينة فجاءته جاريته فقالت: مولاي! فلان الصيرفي يقرئك السلام، قالت: ويقول لك: بعث إلي إنسان بعشرة آلاف درهم فقال: ادفعها إلى سفيان بن عيينة وهي عندي. فأخذ منها سفيان ثلاثة آلاف درهم وبقيت عنده سبعة آلاف، فجاء ابن أخيه عمران ذات يوم مع جماعة يخطب إليه ابنته قال: مرحبا بابن أخي جاء يطلب أخته إلا أن الله عز وجل قد أحلها له، ثم قال:
اقرأ عشر آيات من كتاب الله عز وجل: فلم يحسن! فقال: هات ثلاثة أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . فلم يحسن! فقال: هات ثلاثة أبيات شعر من شعر العرب. فلم يحسن! فقال: لا تحسن آيات من كتاب الله تعالى، ولا حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا أبيات شعر، اذهب إلى فلان الصيرفي فخذ منه أربعة آلاف درهم وتزوج من شئت.
وبقي عند الصيرفي ثلاثة آلاف درهم، فمر به الصيرفي يوما فقال: ألا تبعث إلى بقية المال من يأخذه -قال أبو حفص: وقد كان الصيرفي قضى له حاجة- فقال: هو لك، فقال الرجل: لا حاجة لي بها وأنا عنها غني، فقال: ابن أخيك اليتيم، ادفعها إليه ولا تراجعني فيه.
ومن نوادره الدالة على ورعه وتقواه، ونختم بذكر ذلك ما أمليناه، قال أبو العباس محمد بن يزيد بن عبد الأكبر الأزدي الثمالي -وهو المبرد، بكسر الراء على الصحيح- قال: حدثت من غير وجه أن سفيان بن عيينة قال لجلسائه يوما: إني أرى جارنا هذا السهمي قد أثرى وانفسحت له النعمة، وصار ذا جاه عند الأمراء، ووافدا إلى الخلفاء، فمم ذلك؟ -يعني يحيى بن جامع- فقال له جلساؤه: إنه يصير إلى الخليفة فيتغنى له، فقال سفيان: فيقول ماذا؟ فقال أحد جلسائه:
Страница 461