قال: فتغير لون الشافعي، ثم إنه ذهب فلم يخرج ثلاثة أيام ولياليهن، قال فخرج إلينا اليوم الثالث في ذلك الوقت -يعني بين الظهر والعصر- وقد انتفخ وجهه ويداه ورجلاه وهو مسقام، فجلس قال: فلم يكن بأسرع أن جاء الشيخ، فسلم فجلس فقال: حاجتي!
فقال الشافعي: نعم. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، قال الله عز وجل: {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا} لا يصليه على خلاف المؤمنين إلا وهو فرض. فقال: صدقت، وقام وذهب.
قال الفاريابي: قال المزني -أو الربيع-: قال الشافعي: فلما ذهب الرجل قرأت القرآن في كل يوم وليلة ثلاث مرات حتى وقفت عليه. يعني على دليل الإجماع.
هذا من بعض أحكام القرآن وعجائبه وفوائده وغرائبه. وطريق استنباط ذلك للاتعاظ: الاعتبار بمدلولات الألفاظ.
وكذلك الحكمة المشار إليها في الآية الشريفة، وهي سنة نبينا عليه أفضل الصلاة والسلام، فيستنبط من الحديث الواحد مع إيجازه عدة من الأحكام، كيف لا وقد أعطي قائله صلى الله عليه وسلم جوامع الكلم، وخص ببدائع الحكم.
Страница 367