Платоновский стол: Разговоры о любви
مائدة أفلاطون: كلام في الحب
Жанры
أليس من أعظم الجرائم أن تترك الإنسانية تائهة ضالة في مهامه الجهالة؟ أليس من العبث كل ما يحاوله العلماء في سبيل البحث عن الحقيقة إذا كان كل ما وصل إليه أسلافهم قد ضاع، واختفت آثاره، وإذا ذكر في كتاب على رأس قلم باحث جديد إنما يذكر من قبيل خطرات الأفكار أو غرائب الأقوال أو فكاهات تروح عن النفس وتقطع الوقت وتقتل الزمن؟
إن العلوم التي تلقن في المدارس هي أحقر وأضر معلومات البشر، وينبغي القضاء عليها، ومحوها من سجل التعليم الإنساني، إنها عبارة عن مجموعة سخافات تافهة مبهمة قد سبكها في قالب التدريس قوم جهلاء، وقد سارت الدنيا على هذه الأساليب العقيمة غير المثمرة أجيالا لا تحصى، وينبغي أن تزول تلك الأساليب وتلك المعلومات من عالم الوجود، ينبغي إحراق كل الكتب والكراسات التي تقدم للتلاميذ في كل أنحاء العالم، وينبغي أن يجتمع مؤتمر من علماء كل الأمم، وأن ينتقل في سائر بلاد الدنيا ، ويقضي بين الشعوب المختلفة مدة كافية للوقوف على أحوالها وأخلافها ومواهبها وبيئتها الطبيعية والمعنوية، وبعد ذلك يتفرغ هذا المؤتمر لوضع برنامج لتعميم التعليم في أنحاء الدنيا، لا فرق في ذلك بين الأجناس والملل؛ ينبغي توحيد التعليم، وتوحيد المدنية، وتوحيد الحياة العقلية في كل مكان؛ ينبغي أن يقف كل إنسان على أهم ما أنتجته العقول الإنسانية من المباحث، وما وقف عليه العلماء من الحقائق في كل فرع من فروع الحياة؛ إن الماضي من هذه الوجهة أكبر شأنا من المستقبل؛ لأنه مجموعة اختبارات جليلة عظيمة تفيدنا في خطواتنا إلى الأمام.
4
إن كثيرين من المفكرين ينسبون إلى الإنسانية غريزة البقاء على حالة واحدة، ويقولون إن الإنسان ميال بفطرته للمحافظة على كل قديم، لا لأنه صحيح أو موافق للحقيقة، إنما للتعود. إن الإنسانية أسيرة العادة، وهي كذلك شديدة الكسل؛ فهي تعودت أن تدرك الأشياء على حال معينة، ولا تريد التغيير في طريقة التفكير، وتعتقد في صحة أشياء معينة؛ لأنها تلقنت الاعتقاد بصحتها، فلا تريد أن تنزع عن عقلها هذا الاعتقاد حتى ولو ثبت أنه فاسد، وأنه قائم على ضلال قديم، حتى ولو قامت البراهين العلمية والعقلية على صحة غيره من الآراء، وأصبحت تلك الآراء ملكا مشاعا لكل الناس يمكن الوصول إليها بسهولة، فإنك تجدهم يعرضون عن الجديد الصحيح من العلم الموافق للعقل، ويتشبثون بالقديم الباطل من العقائد المخالف للعقل؛ لأن الإنسانية مكسال تريد أن تجلس لتستقبل شمس الصباح دون أن تعرف كنه الحرارة، تريد أن تنظر بخمول إلى الكواكب، ولا تريد أن تعرف ما وراءها، تريد أن تمتع نظرها بالمخلوقات دون أن تعكر صفوها لحظة في التفكير في أصلها، ومنشئها، ومصيرها، وموردها، الإنسانية أسيرة العادة وحليفة الكسل، وهي فوق ذلك محبة للتقهقر، ميالة للرجوع إلى حالها الأولى حال الحيوانية والتوحش دون أن تبذل جهدا في السير إلى الإمام، الإنسانية أبيقورية المذهب.
وإذا خرج من أحشاء تلك المكسال ربة الخمول أسيرة العادة، وحليفة كل قديم، مولود جديد، وحاول النظر إلى النور أو التنفس، فإنها فورا بما لها عليه من حقوق الأمومة، وبما اكتسبته من الغلظة وحب الأذى حتى في تأديب أطفالها، تبادر إلى ضربه وتعذيبه، وكم فمه وحجب عينيه، فلا يشم إلا نتنها وعفونتها، ولا يرى إلا سواد ليلها وظلام عقلها؛ فإن تشدد في المقاومة، وكان طفلا نجيبا شجاعا نابغا، تحاول إخفات صوته باللين والملاطفة، فإن لم يذعن فإنها لا تتردد بعد ذلك لحظة واحدة في القضاء عليه؛ إنها تضحي به على هيكل العادة والكسل والبهيمية فتوعز إلى أبنائها الذين ثبتت طبيعتها في أفئدتهم بقتله؛ فتارة يسجن حتى يموت، وطورا يلقى به من حالق، وطورا يصلب ومرة يحرق، وبعد أن تزهق روحه ويصير جسده ترابا تعود الأم فتأخذها الشفقة على ولدها، وتقول: وا حر قلباه على ولدي! كان ذكيا، وكان حاضره ينبئ بمستقبل سعيد، فتأمر بتمجيد ذكره وإقامة الأنصاب على شكله، وتأمر بجمع آثاره ولم شعث أفكاره، وتقيم له مأتما فخما، فيظن الرائي أن ولدها لو عاد إليها لأحلته محل الإنسان من العين، ولكن إذا وصل إلى علمها أثناء تمجيد ذكر ذلك الذي بذلته وقتلته أن أخا له حاله كحاله، فإنها لا تتردد لحظة في القضاء عليه لتعود بعد حين فتخلد ذكره، وهكذا تستمر تلك العجوز المكسال الماكرة الذميمة الخلق والخلق تقتل النجباء، وتستبقي الجهلاء والسخفاء؛ لأنها لا يطيب لها العيش إلا في ظلال الجهل والكذب والخداع، ولا تحب النور؛ لأنها من بنات الظلام.
مائدة أفلاطون
تأليف الحكيم اليوناني، فسرها باللغة العربية محمد لطفي جمعة، مصر 1908-جنيف 1912 (أشخاص الوليمة الذين دارت بينهم المحاورة: أبولودورس - صديق له - جلاكو - أريسطوديمس - سقراط - أجاثون - فيدروس - بوسانياس - أريكسماكوس - أريسطوفانيس - ديويتما - السيبياديس.)
أبولودروس:
أظن الموضوع الذي تسألني فيه لا يزال حاضرا في ذهني؛ لأنني بينما كنت أمس عائدا من فاليروس إلى داري، رآني صديق فدعاني، وقال ممازحا: «يا ابن فاليرورس ! ألا يمكنك أن تنتظر لحظة، حتى تقص علي ما سمعته من المحاورة التي دارت على الحب في مجلس ضم أجاثون، وسقراط، والسيبياديس، وغيرهم، وقد سمع بهذه المحاورة صديق رواها له فينيكس بن فيليبس، وذكر لي أنك تستطيع أن تعيدها بإسهاب وجلاء، فتكرم علي بإعادة تلك المحاورة؛ فإني أعلمك صادق الرواية لما تسمعه من أخبار أحبابك وأصدقائك، ولكن بحقي عليك هل سمعت المحاورة بأذنك أم رويتها عن سواك؟»
فأجبته: يلوح لي أن مخبرك لم يجل لك ما غمض عليك؛ فأنت تسألني إن كنت سمعت المحاورة بأذني، كأنها بنت أمس، وكأنني كنت من أشخاصها!
Неизвестная страница