المذكور في الجواب أشهر عند السائل من المذكور في السؤال، ثم لا يكون إلا شرحًا للفظ، وإلا فمن يطلب تلخيص ذات الأسد فلا يتلخص ذلك في عقله إلا بأن يقول سبع من صفته كيت وكيت. فأما تكرّر الألفاظ المترادفة فلا يغنيه، ولو قلت حد الموجود أنه المعلوم أو المذكور وقيّدته بقيد احترزت به عن المعدوم كنت ذكرت شيئًا من لوازمه وتوابعه. فكان حدّك رسميًا غير معرب عن الذات، فلا يكون حقيقيًا. فإذًا الموجود لا حدّ له فإنه مبتدأ كل شرح فكيف يشرح في نفسه. وإنما قلنا المعنى الفرد ليس له حد حقيقي لأن معنى قول القائل ما حدّ الشيء كقولك ما حدّ هذه الدار والدار جهات معدودة إليها ينتهي الحد، فيكون تحديد الدار بذكر جهاتها المتحدة المتعددة التي هي، أعني الدار محصورة متسورة بها، فإذا قيل ما حدّ السواد فكان يطلب به المعاني والحقائق التي بائتلافها تتم حقيقة السواد. فإن السواد سواد ولون وموجود وعرض ومرني ومعلوم وموصوف ومذكور وواحد وكغير ومشرق وبراق وكدر وغير ذلك مما يوصف به من الأصناف، وهذه الصفات بعضها عارض يزول وبعضها لازم لا يزول، ولكن ليست ذاتية ككونه معلومًا وواحدًا وكثيرًا، وبعضها ذاتي لا يتصور فهم السواد دون فهمه ككونه لونًا. فطالب الحد كأنه يقول إلى كم معنى تنتهي حدود حقيقة السواد لنجمع له تلك المعاني المتعدّدة بتلخيص، بان نبدأ بالأعم ونختم بالأخص ولا نتعرض للعوارض، وربما طلب أن لا يتعرض أيضًا للوازم بل للذاتيات فقط. فإذا لم يكن المعنى مركبًا من ذاتيات متعددة كالوجود كيف يتصور تحديده وكان السؤال عنه كقول القائل ما حدّ الكرة ولنقدّر العالم كله على شكل كرة، فلو سئل عن حدّه كما سئل عن حدود الدار كان محالا، إذ ليس له حدود وإنما حدّه منقطعه ومنقطعه سطحه الظاهر وهو سطح واحد متشابه وليس بسطوح مختلفة ولا هي منتهية إلى مختلف، حتى يقال أحد حدوده ينتهي إلى كذا والآخر إلى كذا، فهذا المثال المحسوس ربما يفهم منه مقصدي من هذا الكلام ولا يفهم من قولي إن السواد مركب من معنى اللونية والسوادية لم إن اللونية جنس والسوادية نوع إن في السواد ذات متباينة متفاصلة فلا نقول السواد لون وسواد، بل هو لون ذلك اللون بعينه هو سواد، بل معناه يتركب ويتعدد عند العقل حتى يعقل اللونية مطلقًا ولا تخطر له الزرقة مثلًا ثم يعقل الزرقة فيكون العقل قد عقل أمرًا زائدًا لا يمكن أن تجحد تفاصيله في الذهن، ولا يمكنه أن يعتقد تفاصيله في الوجود ولا يظنن إن منكر الحال يقدر على حد شيء البتة، لأنه إذا ذكر الجنس واقتصر بطل عليه، وإذا زاد شيئًا للاحتراز فيقال الزيادة عين الأول أو غيره، فان كان عينه فهو تكرر فاطرحه وان
1 / 263